الرئيسية » » لماذا أوقعت العالم من بين يديك يا أبي | منار شلهوب

لماذا أوقعت العالم من بين يديك يا أبي | منار شلهوب

Written By هشام الصباحي on الخميس، 4 مايو 2017 | مايو 04, 2017

لماذا أوقعت العالم من بين يديك يا أبي | منار شلهوب
أتمنّى لو كانت هذه الليلة هي ليلة ميلادي لينتزع أبي قلبي من بين فكيّ ويُفرِغُ الكيس المملوء بالحصى والقلوب الطريّة التي انتزعتها من كلّ شيءٍ رأيته . في هذه الليلة من كل عام ..تحترقُ كعكة ميلادي وتمتلئ شرفتنا بالنيازك التي تهوي فألتقطها وبسبب برودة الجو اليوم ,تقلّصت أنا وأحلامي وخوفي واتّسعت غرفتي لي ،لأعي وجودي للمرة الأولى داخلها كفتاة، لا كغيمة مبعثرة اسمي منار .. أبي طبيبٌ حكيمٌ , يعرفُ كيفَ يرفع ثقل العالم كفقاعة صابون أنحني فوقها على ألوانٍ كثيرة يسبب انفجارها الدهشة فقط . ثقل العالم لا يزعجني , ما يزعجني أنني كنت أتمنى أن يظل اسمي كملقط غسيل يمسك الضوء والريح معاً لكني لم أمسك سوى الثياب الفارغة الباردة حين كنت على شرفة بيتنا وفكّتني الريح حتى وقعت .. لامس خدي الطين وصرت أتحسس نمو كل شيء بألم . لم أكن لأنتبه للنموّ الموجع للأشياء لولا النباتات التي أهداني إياها أخي وصارت بنموّها تعبثُ بعين الريح وهي على نافذتي وتزحف على جسد الضوء ببطء.. وأنا من النافذة ذاتها أنظر لله قائلة : تلمّس يدي .. ألا يُدهشك أنها لم تعد تمتدُّ لك منذ زمن ؟ كنتُ أمددها للأسفل..للتراب الذي ما إن يحضن بذرة ً تسقط من كفّي حتى يُزهر أما وجهك الغيمُ يُشقق يدي مهما ارتفعت إليك ويرحل ألا تسمع ضجيج الذين يحتضرون في صوتي المرتفع لأجلهم حتى في ليلةٍ شتويةٍ باردة :اللهُ هو الوجه الأكثر ألقاً لليأس يعيدني لليلة ميلادي ابنةُ الخوف وأمه , أحتفل وحيدة . لا أمتلك صوتاً ثابتاً كأصوات الذين يتحدثون يومياً في الإذاعات عن القتلى دون أن تذوب قلوبهم على ألسنتهم وكلّما سمعت صوت حبيبي خلف الحدود تنتفخ حنجرتي كالقصب وتطقطق عظامي وأبكي لم أتعلم كيف ألعق مكان صوته , سمعته بالرغم من الصدام العنيف بين الله والناس حولي . في ليلة ميلادي : يصبح صوت الحبيب سكتةً موسيقية بأقدام دامية..تعيد التوازن فقط للألم . الغرفةُ الباردة الليلة تتسع لي أنا ونباتاتي نشاهد الحرب المشتعلة سوياً أسند كفي بأياديهم وننفخ فقاعة صابون .. نرى بقع الدم تطفو عليها وتنفجر بوجوهنا شمس ميلادي لم تجفف الدماء ولا البرد حتّى وصوتي ما زال يرتجف لماذا أوقعت العالم من بين يديك يا أبي ؟

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads