الرئيسية » , » #إبراهيم_عيسى يكتب لـ #المقال: مصر دولة الرجل الواحد!

#إبراهيم_عيسى يكتب لـ #المقال: مصر دولة الرجل الواحد!

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 8 فبراير 2017 | فبراير 08, 2017

يكتب لـ #المقال: مصر دولة الرجل الواحد!
كلما قرأت فى تاريخ مصر ومذكرات حكامها ومسؤوليها ودفاتر أحوالها عبر مئات السنين تأكدت أن مشكلة مصر هى أنها طول عمرها وحتى الآن دولة الرجل الواحد.
ما يجب أن يأسف له المصريون أن كل ثوراتهم انتهت إلى تكريس هذا المرض البشع، مرض الحكم الفردى، حيث كل شىء فى البلد تحت يد وأمر حاكمها، ولا يمكن للأسف أن نفرق بين خديو وملك، أفندينا أو الرئيس، كأن مصر مجهزة طول الوقت كى تكون ضيعة حاكمها، صحيح أن هناك قوانين ودساتير وبرلمانات والذى منه لكنها كلها لوازم شكلية للحكم الفردى، أحلام أفندينا أوامر كما أحلام رئيسنا بالضبط.
لا ثورة 1919 نجت بمصر من الحكم الفردى ولا ثورة يوليو طبعًا، ثم جاءت ثورة ثلاثين يونيو لتكرس ذات الأزمة الرهيبة لهذا الوطن البائس، أزمة حكم الرجل الواحد وكل ما عداه ولا أى حاجة ولا أى تأثير!
مذكرات نوبار باشا، وهو الذى تولَّى نظارة مصر وماليتها فترة طويلة فى عهود أبناء محمد علِى باشا، وهى مذكرات غاية فى الأهمية بل والطرافة، وفيها العجب عما تراه فى بلد مثل مصر من أيامها الخديوية وهو يتكرر فى أيامها الحالية، يكتب فيها تلك الواقعة الكاشفة فى عهد الخديو سعيد والى وباشا مصر، يقول:
(فى الليلة السابقة لسفرنا رأيت الوالى سعيد قلقًا حزينًا يعانى، ورأيت الدموع فى عينَيه. رأيت «سعيد» المرح غير المكترث أبدًا بأى شىء يبكى، بالفعل تأثرتُ وسألته عن سبب آلامه، فقال لى: لقد خربتُ مصر! خربتها تمامًا! ماذا سيقولون عنى؟
فقلت له: آه، يا سيدى لا تحزن، إن جراح المال هى جراح يمكن مداواتها مع بعض النظام والتوفير.. أين هو الحاكم الذى لا توجد بقع على ثيابه؟ لكن كلما مر الوقت زالت هذه البقع تمامًا مثل تلك التى تُترك فى الشمس سيدى، اعتبروا الآن أن التاريخ هو مَن يتحدث إليكم، فماذا سيقول عنك بعد عشرين أو ثلاثين عامًا؟ سيقول إنكَ رسخت حرية التجارة وإنك لم تُعرض أمن مصر للخطر، وبفضل سهرك عليها نعمت بالحرية والهدوء اللذين حُرمت منهما منذ قرون عدة. ألم تسهم فى تطورها؟ ألم تؤمن لها رخاءها عندما قررت أن الأرض التى يقوم المزارع بزراعتها واستصلاحها لمدة خمس سنوات تصبح ملكًا له ولذريته من بعده؟).
المهم أن نوبار حاول تهدئة الوالى سعيد بأن التاريخ سوف يكتب عنه إيجابيات هى حقيقة فعلًا، إلى جانب أنه خرب مصر طبعًا!
لكن الموضوع لم ينتهِ عند ذلك، شوف بقى تأثير هذه اللحظة على سعيد انتهى إلى إيه؟
 تعالَ نكمل معًا قراءة ما كتبه نوبار باشا..

(ففى صباح اليوم التالى وفى أثناء الحمام اليومى وبينما خدَم حجرته، سيد وعنترى، يصبّان الماء فى الإبريق استدار نحو الأخير، وقال له: عنترى، ألم تفكر أبدًا ماذا سيقول التاريخ عنك؟ ألا تخجل أم أنك لا ترغب فى أن يقول التاريخ إنه كان هناك عنترى إلى جوار أمير كبير، وكان يستطيع أن يتكلم معه، لكنه لم يفعل شيئًا من أجل قريته ولا من أجل أبناء عمومته؟ أهذا ما تريد أن يقول التاريخ عنك؟).
انشغل سعيد بما سيكتبه التاريخ عن خادمه، ويبدو أنه اطمأن على ما سيقوله التاريخ عنه لدرجة أنه كررها ثانية كما يحكى نوبار باشا (وقال سعيد يومًا للحاج علِى: ماذا سيقول التاريخ عن عرفان؟ 
«كان عرفان رئيس خدم قصر الوالى» فأجابه الرجل المسكين الذى لم ينتبه وهو يقوم بارتجال هذا التكهن، إلى أن عرفان كان يسترق السمع من وراء الباب: سيدى، سيقول التاريخ إنه كان يأكل ويشرب ويدخّن وينام. وبعد مرور عشرة أيام أو أكثر على هذا الأمر، وحتى لا يشك أحد اخترع عرفان حجة واهية وعاقب الحاج علِى بخمس عشرة ضربة شديدة بالعصا على مؤخرة هذا الرجل الذى أصبح ضحيته. ويبدو أنه كان مقتنعًا تمامًا بالعقوبة التى بعد أن انتهى منها اقترب من أُذن الحاج علِى وهمس قائلًا: تستطيع أن تضيف أن التاريخ سيقول إن عرفان كان يعرف أيضًا استخدام العصا).

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads