الرئيسية » » الفَنَّانُ | هشام محمود

الفَنَّانُ | هشام محمود

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 10 يناير 2017 | يناير 10, 2017



الفَنَّانُ
(حِوَارِيَّةٌ مَعَ رينيه ماجريت)
شِعْر/ هِشَام مَحْمُود
عِنْدَمَا تَثَاءَبَ ظِلُّ فُرْشَاتِهِ فِي مِرْآتِي..
غَنَّتْ،
وَصَحَتْ عَصَافِيرُ ذَهَبِيَّةٌ..
عَلَى مُوَاءِ البَحْرِ.
وَبَيْنَمَا غَيْمَةٌ تَعْبُرُ الشَّارِعَ حَافِيَةً،
بِلَا رُفَقَاءَ..
شَرَعْتُ أَعْضَائِي جُرْحًا جُرْحًا،
وَغَطَّيْتُ وَجْهِي..
بِقِطْعَةِ مُوسِيقَى مُبَلَّلَةٍ جِدًّا،
كَأَنَّهَا خَرَجَتْ لِتَوِّهَا..
مِنْ الجَحِيمِ.
-        تُرَى...
كَيْفَ طَاوَعَ السَّحَابُ أَنَامِلَكَ،
وَأَنْتَ تُسَوِّيهِ،
وَتَنْفُخُ فِيهِ..
مِنْ جَمْرِكَ النَّبِيلِ..؟
-        لَمْ يَكُنْ لَدَيَّ مِنَ المَوْتِ مَا يَكْفِي..
لِأَنْ أَعِيشَ مُنْتَبِهًا عَلَى الدَّوَامِ،
وَالبَيْضَةُ كَانَتْ تَسْكُنُهَا العَفَارِيتُ،
لِذَا كَانَ ضَرُورِيًّا أَنْ يَخْرُجَ طَائِرِي..
مُحْتَشِدًا بِنَشْوَةِ المُغَامَرَةِ.
-        آهٍ يَا طَائِرِي..
مَازِلْتَ مَغْلُولًا إِلَى عُنُقِي،
تَتَرَبَّصُ بِكَ الوَصَايَا،
وَتَمْنَحُكَ الشَّمْسُ كُلَّ صَبَاحٍ..
فُرْصَةً جَدِيدَةً..
لِأَنْ تَذْبَحَنِي..
دُونَ أَنْ تَتَأَلَّمَ.
-        النَّاسُ مَلَائِكَةٌ لَا تَطِيرُ.
-        وَالطُّيُورُ مَلَائِكَةٌ مَحْشُوَّةٌ بِالسَّحَابِ،
لِذَا كَانَ ضَرُورِيًّا..
أَنْ تَخُرُجَ الغَيْمَةُ مِنْ قَلْبِ البَيْضَةِ..
دُونَ أَنْ تَنْزَعِجَ السَّمَاءُ.
-        رَجُلٌ يَحْمِلُ تُفَّاحَةً عَلَى رَأْسِهِ.
هَلْ يَعْنِي هَذَا..
إِلَّا أَنَّ عُنُقَ الرَّجُلِ كَانَتْ مُتَوَاطِئَةً..
مَعَ طَائِرِهِ الأُسْطُورِيِّ..؟
-        الغَيْمَةُ قَطِيفَةٌ مُرْعِبَةٌ..
حَدَّ الجُنُونِ،
وَالطَّائِرُ مَصْلُوبٌ فِي جُذُوعِ الهَوَاءِ،
لِذَا كَانَ يَتَحَسَّسُهَا كَجِنِرَالٍ مُنْهَزِمٍ..
يَمُدُّ أَزْرَقَهُ اللَّذِيذَ المُوحِي..
إِلَى جُرْحِ القَصِيدَةِ.
-        لِلَّوْحَةِ إِيقَاعُهَا،
وَلِي أَنْ أُعَبِّدَ أَبْجَدِيَّتِي..
كَسْرًا لِوَطْأَةِ المِيتَافِيزِيقَا،
وَاحْتِرَامًا لِعَلَاقَةٍ مُفْتَرَضَةٍ..
مَعَ الفَرَاغَاتِ.
-        حَقْلُ غَيْمٍ فِضْفَاضٌ..
كَمَجَازٍ ذِهْنِيٍّ..
تَمْلَؤُكَ فَوْضَاهُ المُنْضَبِطَةُ..
خِدْرًا وَتَشَظِّيًا مُلَائِمَيْنِ..
لِأُنُوثَةِ القَصِيدَةِ.
فَقَطْ...
طَيِّرْ قُبَّعَتَكَ؛
لِتَفْضَحَ الهَوَاءَ.
-        امْرَأَةٌ تَسِيرُ أَسْفَلَ غَيْمَةٍ..
عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ،
بِقَدَمَيْنِ مُعَلَّقَتَيْنِ..
فِي فَرَاغٍ جَانِبِيٍّ،
وَنَهْدٍ وَاحِدٍ،
لَكِنَّهُ كَافٍ لِمُعَادَلَةِ الحَيَاةِ.
هَلْ يُمَثِّلُ هَذَا شَيْئًا..
فِي ظِلِّ نَزْعَةٍ خَلَّاقَةٍ..
لِإِسْقَاطِ إِلَهٍ وَرَقِيٍّ مُتَسَلِّطٍ..؟
صَبَاحَ الخَيْرِ أَيَّتُهَا الحُرِّيَّةُ.
افْتَقَدْتُكِ بِشِدَّةٍ..
حَتَّى عِنْدَمَا أَحْبَبْتُ.
لَمْ أَقْوَ عَلَى كَسْرِ هَزَائِمِي،
وَافْتِرَاعِ عَلَاقَةٍ مُفْتَرَضَةٍ مَعَ الفَرَاغَاتِ؛
لِذَا سَيَبْدُو (مَاجريت)..
فُرْصَةً لِتَشْفِيرِ أَشْيَائِي الخَاصَّةِ جِدًّا،
وَفِي لَحْظَةٍ مُمْتَلِئَةٍ..
سَأَجْلِسُ قُرْبَ نَافِذَةٍ نِصْفِ مُغْلَقَةٍ،
رُبَّمَا يَحُطُّ طَائِرٌ عَلَى كَتِفِي،
وَيُدَنْدِنُ لِي..
بِأُغْنِيَّةٍ لِـ (فَيْرُوز).
عِنْدَهَا سَتَصْحُو الغَيْمَةُ..
عَلَى ضَوْضَاءَ مُرْعِبَةٍ..
يَنْثُرُهَا الفَرَاغُ،
وَأَكُونُ قَدْ تَحَرَّرْتُ تَمَامًا،
حَتَّى مِنْ تَوْقِي لِلحُرِّيَّةِ.  


***
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads