الرئيسية » , » سيرغي يسينين: شاعر روسيا المقتول لأنه لم يفهم الثورة ترجمة د.عبدالله عيسى*

سيرغي يسينين: شاعر روسيا المقتول لأنه لم يفهم الثورة ترجمة د.عبدالله عيسى*

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014 | سبتمبر 02, 2014

سيرغي يسينين: شاعر روسيا المقتول لأنه لم يفهم الثورة 
ترجمة د.عبدالله عيسى*


١-الشاعر:
شاحب يتعمق في الطرق المرعبات
وفي روحه تتناسل أشباح شتى

وفي صدره لطمات الحياة تدق

وقد جرح الشك خديه 
حائرة خصلاته وجبهته بتجاعيدها سامقة

لكن أحلامه الصافيات، التي اضطرمت بغواية لوحاته الممعنات ، بهاؤه

يجلس في ركن علية ضيقة

وبقايا الشموع تغبش ألحاظه

وفي يده قلم من الرصاص

بسرية كان يجري حوارا معه

ثم يكتب أغنية برؤاه الحزينات
بالقلب يلقف ظل السنين اللواتي عبرن

وهذا الدوي صدى روحه.

هاهو يحتمل الآن بكراه

من أجل ما قد يقيت الحياة.

١٩١٢-١٩١٠

٢- 
وليس يرى خلف ذاك الضباب السحيق الذي هاء 
ماذا هناك سيحصل لي ؟

هل هي الغبطة المشتهاة ، الأخيرة 
أم راحة تعتري صدري التعس ؟ 
أم أن ذاك الذي شاب 


يطمرني بالحزن ثانية 
يملأ القلب ثانية بالجراح الكتيمة 
يلهبني دون محض نار؟

لكنني عبر حلكة هذا الضباب السحيق

أرى الفجر مندلعا

هذا الموت للأرض تلك الكئيبة

فيما السكينة لي 
١٩١٢
٣- صلاة أم:
في الكوخ القديم هناك على حافة الضيعة

العجوز تصلي على صدر أيقونة

العجوز تصلي، الدموع تهال ، وأحلام

تبرق في مقلتيها الكليلة

ترى الأرض، ساح المعارك

حيث ابنها بالبطولة كاملة كان ملقى قتيلا

ومن صدره الواسع، الدم ينفر ، والبيرق

العدو في اليدين الثابتتين

جمدت من الفرح الأشد ، المر بالغصات/ العجوز

وعلى يديها نكست رأساً شائبة 

بياض قليل غزا حاجبيها

وكالخرز تنهال من مقلتيها الدموع الذبولة
١٩١٢
٤-
...
روسيا ياوطني

أنت لم تؤمني بإلهي 
وذرعت البعيد كساحرة

حيث كنت ربيبك

ها. نسي المقاتل إيثاره ، المقدام 
والنبي شاخ ، وأبيضت عيناه بالعمى 
فامنحنيني إذن يدي الباردة

والمضي بدربي الوحيد

أيتها القيصرة التعيسة 
فلنمض الى الايمان الجذل الأوحد
حيث ستزهر غبطتنا الاولى

حيث الأيقونة خاشعة بطمأنينتها

لا تحني إذن هامتك على الصدر البطاش
ولاتخافي عليك من الحلم




وفي سقوطي المهلك

كوني إذن أمي المرشدة
١٩١٤

٥- 
وطني ، مأواي الآخر 
بالسقف الذهبي.

انفخ في البوق، وخور كالبقرة 
إجأر كالعجلة الثائرة.

أتسكع في الغابات الزرقاء ، أي رضى
مغتبطاً وقنوطاً . لكنني كلي لك أيتها الأم 

في مدرسة الإدمان على العربدة
عززت حواس جسمي
من عويل البتولات
ينمو ضجيجك هذا الربيعي.

كم أحب خطاياك: السلب والنهب

ثم ،صباحا، ضياع نجومك في الشرق

وكما أعي

إن بي رغبة ان" آخذك جميعاً" ، وأدعكك 
وباقصى المرارات ألعن انك لي ، أما.
١٩١٧

٦-
...
السهل الثلجي ،القمر الأبيض
جهتنا ملفعة بالكفن

والبتولا ، ببياضها ، تنشج في الغابات

من المقتول هنا

من الميت،

ألست أنا؟.
١٩٢٥
٧-
...
وداعاً ، وداعاً صديقي

صديقي الرفيق ، وداعاً، صديقي

هذا الفراق المعد

يعد لقاء عتيدا

وداعا صديقي، دون سلام

ودون كلام

فلا تحزن الروح، لا تعقد الحاجبين

كما الموت ليس جديدا على هذه الارض:
فالعيش ليس جديدا.
١٩٢٥
٨-صلوات ريفية
:
يا شمس 
أيتها النضارية المسدلة في قاع الدلو 

اغرفي روحي 
واستلي من الجب غصاتي القديمات 
..
كل يوم 
قابضاً على سلاسل أشعتك الشقراء 
أرتقي درجات إلى السماوات 
وكل مساء
أفلت هاوياً في حنك الغروب 

..
كم ثقيل ، ومر علي.بالدم ينشد الثغر
والثلوج ، الثلوج البيض تردم هذي الأرض/وطني 
تقطعه شظايا 
:
جسمه متدل على الصليب 
وساقاه مكسرتان في الهضاب وفي الدروب 

عواء الذئب من الغرب
ريح ،والليلة 
كغراب يشحذ منقاره على عيني البحيرة 
وعلى لوحة الصليب المدقوقة على جبهة الفجر 
:
عيسى الناصري 
قيصر يهودي 
٢-
أيها الهلال 
يا قبعة جدي الشقراء 
التي رماها الحفيد على فرع غيمة
إرتم على الأرض 
واحجب عيني عني 

أينك 
أينه وطني 
العاصفة ،بأليافها ،قشرت دروبك 
ثلجك يلحس بلسانه الكحلي وبرك الأبيض 
وهاأنت تستلقي كنعجة 
هازاً قدميك في الفضاء
خالطاً بين السماوات والزرائب 
بين النجوم والشوفان المذهب 

آه،أخلط إذن 
كل شيء على مد عينيك 
لا أتبرأ منك حتى مع الشمس التي تشبهت بالخنزير 
لا أخشى فنطيسته المحشورة في سياج خوازيق روحي 

سرك الجليل 
لا يزال
ومقتلك العظيم جرن المعمودية 
٣-
أيها الفلق الأحمر
إغفر لصراخي 
غفرانك إن خلطت بين دبتك ومغرفة السقاء 

يا رعاة الصحارى 
مالذي نذكر؟
أكملت الأبرشية فقط
وفقط أعرف الإنجيل حتى الخرافات ، فقط
ما يغني الشوفان في الليل ، وأيضاً
العزف على الهارمونيكا في الأعياد 

وأقول لكم 
:
الموت أجمل من أن تعيش بجلد مسلوخ 

فلتقتل يا وطني 
ولتقتلي يا روسيا 
كاتبة العهد الثالث 
٤-
أيتها النجمات 
الشمعات النحيلات 
المبقعات شمعاً أحمر على فجر المصلي 
فلتنحنين أدنى كثيراً 
ولتملن على لهيبي 
كي أستطيع ، صاعداً أصابع القدمين أعلى ، إيقاده

هو لا يذكر من أضرمكن 
من أي موت غنى لكن؟

واغتبطي يا أرض
بشرت عذراء روسك تلك بميلاد جديد
لابن تلده لك 
وسيسمى :عزرا المنتقم 

غن وضج أيهاالفولغا

في حظيرتك الزرقاء سترمي وليدها

لا تقولوا لي : ما هذا؟

مكتملا سيشرق القمر

هذا هو!

هذا هو يطل برأسه من رحم السما

٩-الإنسان الأسود 

..
صديقي ، صديقي

مريض أنا، ثم جد مرض

لست أعرف أين يعصف بي ألمي 

أم هي الريح تعوي

على ناصيات الحقول الموحشات المقفرات

أم أن الكحول، كما الدغل في شهر ايلول،

ينثر عقلي.

إن رأسي بأذني كجناحي طير

لها فوق رأسي ساقان

بما لا يطاق ،لا هثاً

الإنسان الأسود

اللأسودالأسود

الأسود الإنسان

على محض مقربة مني الآن
يقبع فوق سريري

الإنسان الأسود- الليل كله

لايهب النوم عيني

الإنسان الأسود بأصابعه

يتتبع في "الوحي" *الفاحش

ويخنحن فوقي، تماما كما على جثمان راهب

يلقنني حياة أحد ما مدمن ودنيء،

ثم يلقي على روحي الكآبة والرعب
الإنسان الأسود




الأسود الإنسان

إصغ ،إصغ ،غمغم بي

لوحك غاص بالرؤى والنوايا الباهرات

هذا الانسان
عمر في بلد الأوباش الأشداء

والمشعوذين الكريهين

ثلج كانون، ذلك البلد، نظيف حتى الشيطان

وعواصفه تدير المغازل الجذلي

لكن علاماته فائقة.

لبقاً كان ، وفوق هذا شاعر

الإنسان ذاك كان أرعن

وليكن أن إرادته ليست كما ينبغي، لكنها حاذقة

سمى امراة تنوف الاربعين: حسناءه

وفتاته الفاحشة

الغبطة، قال، تكمن في لباقة الذهن واليد .

كل ارتباكات الروح، أبداً متعوسة . لا ضير.

وغمرات العذاب تولد انكسارات خادعة.

في البروق، وفي العواصف

في الزمهرير الدنيوي، في الضياع الكتيم

حيث يطمرك الحزن

يبقى إبداعك الفذ

أن تظل مبتسماً في الكون، وبسيطا

أيها الانسان الاسود،

أنت لا تجرؤ على هذا!

وليس عليك، طالما لست في خدمتك،

ان تحيا غطاساً
ماذا تعني ،حتى الحياة ،لشاعر فضاح؟

أرجوك ،قص على غيري ، إذن ، رؤاك 
الإنسان الأسود

ثبت علي عينين متلفعتين بقىء أزرق

كان به رغبة ان يجهر بي: أنت مكار ولص

دونما خجل ما ، وبالوقاحة ذاتها، سطوت على سيرة
أحد ما



صديقي ،صديقي

مريض انا، وجد مريض
لست أعرف من أبن يعصف بي ألمي؟

أم هي الريح تعوي على ناصيات الحقول الموحشات

المقفرات

أم ان الكحول ، كما الدغل في شهر ايلول ، يذر عقلي.

متجمدة هي الليلة

تقاطع شارعين هادىء ومستكين

ووحدي على النويفذة

لست على انتظار ضيف ، أو صديق

السهول جميعاً مجللة بالثلوج.

بالكلس الطفيف سريع الانهيار

والأشجار كفرسان التقوا ، في بستاننا.

في مكان ما يعول طير الشؤم

بينما يبث الفرسان القرويون وقع الحوافر

وهذا الأسود ، من جديد ، يحتل مقعدي
رافعات قبعته العالية للتحية ، رامياً
دون اكتراث ،سترته. اصغ 
جشر ، محلملقا ً، في وجهي 

جميعه على مقربة مني ،ومال علي :

لم أرَ أحداً من الأخساء،

هكذا دون جدوى حمقاء ، يبريه الأرق

آه ، فلأسلم ، أخطأت.

ها . القمر الآن.

مالذي يحتاجه، بعد ،الشاعر مكتمل الاغفاءة؟

ربما ، على غفلة، تعود هي ، بفخذين مكتنزين

وتتلو عليها قصيدتك الخائرة الساجية.

كم أحب الشعراء
كائنات مسلية .دائماً

ألتقي فيهم التاريخ ، قلبه المألوف

كطالبات كثيرات البثور

وشعر خنفسائي دميم
يحدث عن عوالم ، وباسترخاء




عن النزف الجنسي

لست أعرف. لست أذكر
في قرية ما ، ربما ، في "كالوغي " ، أو 
ربما في "ريزان

عاش فتى في سلالة فلاحين بسطاء 
بشعر أصفر، وعينين زرقاوين

وهكذا، راشداً صار ، شاعراً
وليكن : بقوى واهنة ، لكنها عصية على الإنحناء
وامرأة ما نافت الأربعين ، سماها 

حسنائي ، وفتاتي الفاحشة".

"أيها الإنسان الأسود!

أنت ضيف شؤم

ذائع ،من قديم ، صيتك هذا".

وأنا ساخط ، وأغلي بغيظ رجيم.

ثم تطير عصاي، هاوية ، على خطمه

وقصبة أنفة

وعلى نافذتي يؤرق الشروق 

آه منك أنت ، يا الليلة 
مابك ، أيتها الليلة ، تهشمت ؟

وأنا واقف تحت قبعتي

لاأحد ، سواي معي

وحدي ،

وحطام مراياي.
١٩٢٥تشرين الثاني 

*شاعر فلسطيني مقيم في موسكو 

هوامش: 
الوحي : : كتاب . والكلمة الاقرب لهذا التعبير هو اللوح ، وهو ما يرصد في حياة الكائن ويكشف بعد موته ، والمقصود ان الانسان الاسود يقرأ حياة الشاعر كما يقرأ كتاباً
الإنسان الأسود:إختلف النقاد في تفسيرها ، فبعض ذهب أنه رمز المموت ، وآخرون أنه رمز طراق آخرة الليل الذين ينفذون خلسة حكم اغتيال أحد ما . ومهما يكن فقد كانت هذه القصيدة نبوءة بمقتل الشاعر ، علماً أن السلطات السوفيتية آنذاك أعلنت انتحاره .

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads