الرئيسية » » كان عمري ثمانية عشر سنة | محمد بنميلود

كان عمري ثمانية عشر سنة | محمد بنميلود

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 13 أغسطس 2014 | أغسطس 13, 2014

كان عمري ثمانية عشر سنة، وكان عمرها خمسة وأربعين سنة تقريبا، لكن، لا يجب التّركيز هنا فقط على عمرها، فأردافها كانت كبيرة، كبيرة جدّا، ممّا جعلها تتحمّل بسهولة ثقل السّنين العجاف دون خسائر. 
لم أغازلها بكلمة واحدة، من المستحيل مغازلة امرأة تلبس الجلاّبة وتضع في عيونها الكحل البلديّ الحارّ، بغزل الأطفال والمراهقين المضحك. فقط تبادلنا نظرات صامتة ووحشيّة في عتمة الغرفة المضاءة فقط بالتّلفزيون. مُهَاجِمُ منتخب الطّوغُو أخطأ هدفا، كان قضيبي قد صنع خيمة بلا أوتاد داخل الشّورت. وضعتُ رجلا فوق رجل لأهدم الخيمة، الحكم صفّر لصالح فريق مَلاَوِي، الجماهير احتجّت بالصّفير، وأربع لاعبين طوّقوه قبل أن يهدؤوا ويستسلموا، وينسحبوا صاغرين. 
سألتني: من هؤلاء ومن أولئك؟ 
قلت لها محدّقا ببلاهة في عيونها المكحّلة الكبيرة التي تشبه عيون العرّافة: الطّوغُو ومَلاَوِي. 
لاحظتُ أنّها لم تسمع الجواب، لم تركّز في الفرق الممكن بين كلمتين غامضتين ك: الطّوغُو ومَلاَوِي. كانت عيناها تبرقان بشهوة تدور بالنّظرات كالدّوامة في مساحة مغناطيسيّة غير مرئيّة حتّى تغرق فيها عيني، كانت تجذبني بقوّة إليها بتلك النّظرات المفتوحة على تأويل الشّهوة الجارفة الصّامتة العنيفة تأويلات هرمونيّة. مددتُ يدي إلى البّراد، شرشرت لها كأسا بطريقة التّبوّل، في اللّحظة التّي ضيّع فيها لاعب مَالاَوِي ضربة الجزاء، هي اللّحظة نفسها التّي امتلأت فيها الكأس حتّى تدفّقت قليلا، اصطدمت الكرة بعارضة قضيبي، كنت قد بدأت أرتعش رعشات غامضة. قدمها الممدودة محنّاة، ومن تحت الجلاّبة المرفوعة قليلا إلى حدود الرّكبة بدا سروالها الأبيض مطرّزا ببدائيّة مغرية، مشدودا بإحكام على ربلتي ساقيها الضّخمتين. 
يمكن القول عن امرأة من هذا النوع، متزوّجة، لم تذهب أبدا إلى مدرسة ولا حتى إلى الكُتّاب، بدينة كراقصة شعبية، تبدو كأنها ترقص حين تمشي، بيضاء كجبنة القرية التي لا تفسد بالحرارة، تكحّل عيونها الحوراء بمرود خشبيّ، فمها مسوّك بمضع قشرة الجوز اللاّذعة لساعات، نظراتها عارية وشهوانيّة بقصد ودون قصد، صدرها نافر وصلب كبطّيختين صفراوين رغم دورات الرّضاعة الكثيرة، يمكن القول عنها إنّها أجمل من جميلة بالنّسبة لمراهق، بل هي أجمل من بنت جيران صغيرة وخوّافة لا تريد سوى القبل خلف سور بلا بناية، يمكن القول عنها إنّها الأكثر إثارة وغموضا ولذّة، خصوصا في هذا الموقف المتواطئ، أن تكون من عائلتنا، رائحة الشّحمة في الشّاقور، طرقَت وفتحت لها فدخلَت. لم يكن عندي الوقت الكافي لأشرح لها أنّ أمّي ذهبت إلى القنيطرة لتعزّي خالتي. كانت قد تجاوزت الباب بخطوات، وكنت قد أغلقته. شممت عطرها البلديّ الّذي يشبه رائحة أبقار كثيرة في العاصفة، صعدتِ الأدراج، وصعدتُ خلفها أحدق بحذر في مؤخرتها الكبيرة المتناسقة المشدودة بالجلاّبية. 
قذف لاعب مَالاَوِي الكرة بشكل عرضيّ، كنت ألعب في يدي بالتّيلِيكُومُونْدْ، اعترضها لاعب آخر برأسه الحليقة قافزا كالقضيب بشكل أفقيّ في الهواء، كأنه سيغطس في فرج البِّيسِينْ، الحارس ارتمى في الجهة المعاكسة، تحرّكت الشّباك وصفّر الحكم. 
لم أكن ساعتها أركّز جيّدا في من سَجَّل ومن سُجِّل عليه، كانت هي قد اضطجعت على اللّحاف على ظهرها متوسّدة مخدّة تحت مرفقها بحيث بدت لي في وضعيّتها تلك مستعدّة أكثر لتتمّة المقابلة بأشواطها الإضافيّة. 
كنت أقاوم اللّذة بصعوبة كلّما حاولَت الخروج من عيوني على شكل دموع.
بعد صمت طويل ملغّز بيننا، وتبادل طويل للنّظرات في العتمة المشجّعة، وبعض الكحّ الغامض والنّحنحات، تجرّأت بتهوّر ووقفت في رمشة عين لأتّجه في اتّجاهها بفم نصف مفتوح، كالماشي في نومه. رفضت أن تخلع الجلاّبة بدعوى أنّ أمّي قد تفتح الباب في أيّ لحظة، رفضها ذاك أسال لعابي أكثر، فهمته أنّها تقول لي وعيونها تبرق: قبّلني بقوّة.. قبّلني بعنف.. عُضّني في نهدي الكبير.. عُضّني في سرّتي.. ولم يكن ذلك الأمر يحتاج بالضّرورة إلى خلع الجلاّبة، بل فقط إلى رفعها بالكامل إلى أعلى، كتقشير موزة.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads