الرئيسية » » قصيدة محمد الجندي خليل فاضل

قصيدة محمد الجندي خليل فاضل

Written By هشام الصباحي on السبت، 16 مارس 2013 | مارس 16, 2013




محمد نبيل الجندي شاب مصري من مدينة طنطا كان في الثامنة والعشرين من العمر عند مقتله على إثر تعرضه للتعذيب خلال استجوابه في معسكر أمني احتجز فيه ثلاثة أيام، وكان قد ألقي القبض على محمد الجندي الذي ينتمي الي التيار الشعبي مع نشطاء آخرين على أطراف ميدان التحرير يوم 25 يناير 2013 في الذكرى الثانية لاندلاع الانتفاضة ونقل إلى معسكر أمني في منطقة الجبل الأحمر في ضواحي لقاهرة .



قصيدة محمد الجندي




خليل فاضل 






محمد الجندي 
زهرةٌ أخرى 
انتزعتها من تـُربتِها 
يدُ الغدر
... 
واقفٌ في الصفّ
في طابورِ الشهداءِ الطويل جدًا 
أيضًا .. كان ينتظر 
وأيضًا كما الحُسيني 
إصبعانِ علامة النصر 
نصرٌ بطعم الهزيمة
... 
ننكسُّ رؤوسنا حدادًا 
وإخفاقـًا 
وذكرى أليمة 
لعماد عفت وأبي ضيف
... 
قائمة الشهداء طويلة 
نصرخُ لا للانحناء
...
آن لنا أن نقف 
في طابور الانتخاب 
اخترنا ما بين القاتل 
والقاتلِ المُحتمل 
اخترنا الآخر لأنه الآخر 
تعثـّرنا في خُطانا 
وضُربنا على قفانا 
تنشقناه غاز 
وواجهناها كلابٌ 
تعوي 
فوق أسطح البيوت المُغلقة 
بأنيابٍ مسنونة 
وعيون مفتوحة 
مُدياتٍ مليئةٍ بالحقد والكُره 
قالوا.. 
لن تنتهي المسألة 
لن تنتهي هكذا 
إلا إذا خرجنا إلى الشوارع 
في المرّة الألف بعد المئة 
برؤوسٍ مطأطئة 
تنادي بعودةِ العسكر 
ونحلف ألاّ ننبسُ ببنتِ شفة 
أو أن يغرق الدمُ الشوارع 
وتصير المدن والقرى 
بحورًا من الدمِ 
تلالٌ من العظامِ 
توابيتٌ على الأكتافِ 
أكفانٌ مُطرَّزة 
بقلاداتِ النصرِ والمقاومة 
محمولةٌ على الظهورِ 
في الليالي المُظلمة
... 
محمد الجندي 
حولنا 
أمهاتُ الشهداءِ الفتيان 
زَفـّوا إلينا الأنباء 
وقفوا ينصبون المنصَّة 
ويرفعون المِقصَلة
... 
في سلـّةِ الموتِ بباريس
أجسادُ الثوارِ المُعلـَّقة 
على مشانق الموتِ في طهران 
شيّعوا معنا شكري بلعيد 
في تونس الحَمراء
... 
الغولُ مازال يمشي ملكًا 
في الأزقـّة والأروقة 
يحصدُ أرواح الأولاد 
يغتصبُ البنات 
بعينين حمراوتين 
وأيدي مُشققة 
الغولُ رابضٌ
خلف الكاميرات 
قرب المحالِّ والمطاعِم
الغولُ مختبئٌ في المنطقة
خطفَ محمد الجندي
نهشَ صدرَه 
نزع قلبَه
ورمى ثيابَه المُمزّقة
في أوجهنا
رماها في المحْرقة
... 
الغولُ قبيحٌ 
الغولُ قاتلْ 
الغولُ جبانٌ يطعنُ من الخلفِ
يخطفُ الفتى 
في التفاتةِ العناقِ مع صاحبِه 
أو في تحية الوداع
أو في هتافِه المُعتاد
في عينيه اللتان لا تنامان 
في شجرتِه المُورقة 
...
آه يا جندي 
يا جُنديًا لثورةٍ تتعثرُ في حجرٍ بالطريق
في قنبلةِ مولوتوف 
في علَم
... 
اعتدْنا الجنازات وتعوّدناها 
كطابور تحية العلـَم
كطابور العيْش والبوتاجاز
وصفّ المرور الطويل
على كباري العاصمة
...
اعتدنا النحيبَ والبُكاء والدُعاء 
على القتلة والمُجرمين
كما نشربُ قهوة الصباحْ
وشايَ المساء
وكما نقرأ الجريدة المُمزَّقة
... 
اعتدنا الموت
كما نمضُغ الخبز
وكما نلوك سير الشُهداء
كالعلكة الأجنبية المُعطـَّرة
نسرد سيرتهم، نترحمَّهم 
ونحن نأكل 
ونحن نمضي 
ونحن نجلس نتصفح الفيس بوك
واليوتيوب 
نغرّد على توتير
ونحن نتهيأ للنوم
ونحكي لأولادنا 
حكاية دون كيشوت
وسيفـُه الخشبي
حكاية الشاطر حسَن
ستُّ الحُسن التي تاهَت 
والقصر المنيفِ المُحترق
آهاتُ الرجالِ 
في الزنازن وعلى الأرصفة 
....
آه يا جندي 
يا فتى طنطا 
بركاتُ السيدِ البدوي 
لن تأتي إلا إذا ذهبنا 
سويًا نشتري 
حبّ العزيز 
حلاوة المولد 
والحمّص 
إلا إذا هزمنا حُزننا 
والتففنا 
نحمي كبريائنا 
وما تبقى من عزةٍ وأمل 
تلك هي المسألة 
حكاية عنترة 
والخسيسُ الذي نازله 
وضعَ كل منهما يدَه 
تحت نواجذِ الآخر 
وعضّ 
ومن يصرخ أولا 
يلقي بسيفهِ في وجهِ الريح
ولا يدخل الحلبة 
لا يستمرُّ في المعركة 
لم تقل آه يا جندي 
قلناها نحن وجَع 
هذا سيفـُنا 
وهذا أنت روحنا المُحلـِّقة 
تفور في عروقنا 
فلا نصرخ الآه 
وهو ..
ينظر في ساعتِه 
الأمر سيطول 
والنفس يطول 
والبال يطول 
تشتدُّ العزيمة والهمم 
نفرز كل يومٍ بطل 
نفقد كل يوم شهيد 
لكن أبدًا 
لن نولول ولن نقبل الأيدي 
لن تدركنا راحة العبيد 
ولا روح الخدَم 
لن نترك المكان والزمان 
ومن الآن 
سندفن شهدائنا 
ها هنا 
في قلب الميدان 
نحرسُهم 
سنتأهب بهم لكم 
يا وحوش البرية 
يا ذئاب الجبلْ 
سنتنسمّ أرواح شهدائنا الزكية 
في الشوارع 
على نواصي المُدن 
نرتلُّ القرآن الكريم 
نتعطـَّر 
وننزل للقاء اللئيم 
الفأر المُختبئ 
في جحور الوطن 
ننزعُ عنه عباءته 
نبصقُ في وجهِه 
ونهتف 
الجندي لم يمُت 
الجندي حيٌ يرزق 
الجندي هناك 
يهتف ويلوح بالعلم
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads