الرئيسية » , » أنشودة الحياة | صبري يوسف | العدد الرابع عشر | كتاب الشعر

أنشودة الحياة | صبري يوسف | العدد الرابع عشر | كتاب الشعر

Written By غير معرف on الخميس، 28 مارس 2013 | مارس 28, 2013

أنشودة الحياة |  صبري يوسف  | العدد الرابع عشر | كتاب الشعر 



أنشودة الحياة



الجّزء التَّاسع



نصّ مفتوح
      





صبري يوسف                        شعر

اسم المؤلِّف: صبري يوسف 
عنوان الكتاب: أنشودة الحياة ـ الجّزء التَّاسع
نصّ مفتوح ـ شعر 
الطَّبعة الأولى: ستوكهولم 2012
الإخراج والتَّصميم ولوحة الغلاف والرُّسوم الدَّاخليّة (المؤلِّف)
حقوق الطَّبع والنَّشر محفوظة للمؤلِّف








دار نشـر صبري يوسف
sabriyousef1@hotmail.com
www.sabriyousef.com
صدر للأديب والشَّاعر

1 ـ "احتراق حافّات الروح"  مجموعة قصصـيّة، ستـوكهولم 1997
2 ـ "روحي شراعٌ مسافر"، شعر، بالعربيّة والسُّـويدية ـ ستوكهولم 
      1998 (ترجمة الكاتب نفسه).
3 ـ "حصار الأطفال..قباحات آخر زمان!" ـ شعر ـ ستوكهولم 1999 
4 ـ "ذاكرتي مفروشة بالبكـاء" ـ قصـائد ـ ستـوكـهولم  2000  
5 ـ "السَّلام أعمق مـن البحار" ـ شـعر ـ  ستـوكهـولـم  2000  
6 ـ "طقوس فرحي"، قصائد ـ بالعربيّة والسُّـويديّة ـ ستـوكـهولم 
      2000  (ترجمة الكاتب نفسه).
7 ـ "الإنسان ـ الأرض، جنون الصَّولجان"، شعر ـ ستوكهولم 2000 
8 ـ مائة لوحة تشكيليّة ومائة قصيدة، تشكيل وشعر/ستوكهولم 2012     
9 ـ  أنشودة الحياة ـ الجّزء الأوَّل، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012
10 ـ ترتيـلة الـرَّحيـل ـ مجموعة قصصيّة، ستـوكـهولم 2012 
11 ـ شهادة في الإشراقة الشِّعريّة، التَّرجـمة، مـقوّمـات النّهوض                                                          
        بتوزيع الكتاب وسيـكولوجيـا الأدب ـ سـتـوكـهولم 2012   
12ـ أنشودة الحياة ـ الجّزء الثَّاني، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012  
13ـ أنشودة الحياة ـ الجّزء الثَّالث، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012     
14 ـ حوار د. ليساندرو مع صبري يوسف ـ 1 ـ ستوكهولم 2012  
15 ـ ديـريك يا شـهقةَ الرُّوح ـ نصوص أدبيّة، ستوكهولم 2012

16 ـ حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة والفنّية ـ 2 ـ 
       ستوكهولم 2012
17 ـ حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة والفنّية ـ 3 ـ 
       ستوكهولم 2012
18 ـ مقالات أدبيّة سياسـيّة اجتـماعيّة ـ 1 ـ  ستوكهولـم 2012
19 ـ مقالات أدبيّة سياسـيّة اجتـماعيّة ـ 2 ـ ستوكـهولم 2012
20 ـ رحـلة فسيـحة في رحـاب بنـاء القصـيدة عنـد الشَّاعـر                                                                                                                                                                                                                                                                        
        الأب يوسف سعيد ...................... ستـوكهولم ـ 2012
21 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الرَّابع، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012   
22 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الخامس، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012   
23 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء السَّادس، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012
24 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء السَّابع، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012
25 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الثَّامن، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012
26 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء التَّاسع، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012



إهداء:

إلى مبدعي هذا العالم
إلى فنَّاني هذا العالم
إلى شعراء وشاعرات هذا العالم
إلى كتّاب وكاتبات هذا العالم
إلى مفكِّري هذا العالم
إلى حضاريي هذا العالم
إلى الطَّبيعة الخلاقة في هذا العالم
إلى أصدقاءٍ وصّديقاتٍ من نكهةِ الياسمين
إلى الأحبّة المعبّقين بأحلامِ الطُّفولة
إلى دعاةِ السَّلام على وجه الدُّنيا
إليكِ أيَّتها الصّديقة الحبيبة العاشقة المعرّشة 
في روحي منذ الأزل! 
إليكم جميعاً أقدِّمُ أزاهيرَ حبٍّ عبرَ جموحاتِ
رحلةٍ في بهاءِ المروج!!!





لوحة الغلاف: "حالة عناق مع روعةِ الأزاهير" للمؤلِّف. 

أنشودة الحياة
الجِّزء التَّاسع 
رحلة في بهاءِ المروجِ
 [نصّ مفتوح]


التفَّ إخضرارُ النَّاردينِ 
وعبّادُ الشَّمسِ
     حولَ مرافئِ البحرِ
رقصةُ الموجِ تنمو
     في شغافِ البَدَنِ
تهرعُ مجامرُ الحرفِ
     نحوَ خصوبةِ الحُلُمِ  
حلمٌ فسيحٌ على مدى اللَّيلِ!

بخارٌ يتصاعدُ مِنْ ثغرِ الأرضِ
غطَّى معالمَ الأرجوانِ

بسمةُ طفلٍ
تستقبلُ صَباحَ العيدِ
رقصَ البحرُ على ايقاعِ القصيدِ!

عبرَتْ أفعى معالمَ الغاباتِ
توارَتِ الحشراتُ الصَّغيرة
بعيداً عن شراهةِ الالتهامِ!

يحنُّ الثَّلجُ إلى ابتسامةِ البحرِ
     إلى هرجِ الأطفالِ 
     إلى خفقةِ الطَّيرِ  
يتهاطلُ فوقَ عطشِ الأشجارِ

تفرُّ الأيامُ من بَرْزَخِ العمرِ
بعيداً عَنْ ظلالِ الأماني
عمرنا رحيقُ وردةٍ غافيةٍ
     على صدرِ اللَّيلِِ

تنتعشُ الكائناتُ استقبالاً لدفءِ الشَّمسِ
خرَّ الماءُ مِنْ ثغورِ الجِّبالِ 
يسقي مآقي أرضٍ مجبولةٍ بالخزامى 
     بولعِ الانتظارِ

بسمةٌ تعلو فوقَ هلالاتِ الشَّفقِ
مدقَّاتُ الورودِ تُرْهِفُ السَّمعَ
لأسرارِ النَّسيمِ المندّى بوداعةِ الغيمِ 
نامَتِ الجِّبالُ فوقَ آبارِ الهوانِ!
تمايلَتْ غيمةٌ تائهةٌ
     فوقَ أرضٍ عطشى
لزهوةِ الشِّعرِ
لأزاهيرَ التُّفاحِ
تناثرَ خيرُها فوقَ عجينِ الزَّمانِ!

تكلَّلَ مطرٌ فوقَ جباهِ الفلاحين 
قشعريرةٌ منعشةٌ تغلغلَتْ
     إلى شفاهِ الأرضِ
مرحى لوئامِ الأرضِ والسَّماءِ
     لمحراثِ خطِّ الأمانِ!

خرَّتْ نجمةٌ في فضاءِ اللَّيلِ
السَّماءُ غضبى من شوائبِ الأرضِ
     من وشوشاتِ الحربِ
     من شموعِ البكاءِ

فرَّتْ فراخُ البطِّ
     إلى أعماقِ الأدغالِ
وحدُها القصيدةُ تمتصُّ ألقها 
          من أريجِ الفلِّ 
تسلِّطُ حبرَها فوقَ شفيرِ الجّنونِ
جنونُ الحربِ مِنْ أعتى الجنونِ!
ارتعدَتِ الأشجارُ من جذورِهَا
غيومٌ ملبَّدةٌ ببقايا الأنينِ
تبدَّدَ ضياءُ البدرِ

طفلةٌ حالمةٌ في ألقِ الأزاهيرِ
غافيةٌ بينَ خيوطِ الضُّحى
تنتظرُ دفءَ النَّهارِ!

ارتطمَتْ أمواجُ البحرِ
بأجنحةِ فراخِ البطِّ
ولّتِ الفراخُ بعيداً
متواريةً بينَ جفونِ الغاباتِ

السَّماءُ مصفاةٌ فسيحةٌ
مبلسمةٌ بندى الحياةِ
تمتصُّ رعونةَ الشَّظايا
تمحقُ نارَ الأرضِ!

نطَّ جرادٌ 
     فوقَ براعمِ الخزامِ
تعلَّقَ قرنُهُ الأيسرِ
بحُبيباتِ الطَّلعِ
فرحٌ في وداعةِ النَّهارِ!

خرجَتْ أصغرُ الكائناتِ
     مِنْ شقوقِ الأرضِ
تنعمُ باشراقةِ الشَّمسِ
دفءُ الحياةِ
يغمرُ وجنةَ الأرضِ!

حلَّقَتْ أسرابُ الحمائمِ
     فوقَ مدائنِ الحزنِ
تبشِّرُ بغديرِ الخيرِ
ازدانَتْ براري القمحِ بأزهارِ القنديلِ 
     بأسرابِ العصافيرِ  
تشنّجَتْ من دبيبِ الأرضِ

حبّاتُ الحنطةِ هديّةٌ مرصّعةٌ
بأزاهيرَ الآسِ 
بوهجِ الخيرِ لكلِّ الكائناتِ

رنّمَ أطفالُ الحيِّ ترنيمةَ العيدِ
عابرينَ الأبوابَ بانشراحٍ
سكاكرٌ وبسماتٌ
تنشرحُ خدودُ الطُّفولةِ فرحاً
مرحى لترتيلةِ العيدِ

أينعتْ براعمُ اللَّوزِ
تمايَلَتْ فوقَ طراوةِ اللَّيلِ
رحلةُ الحرفِ رهيفةٌ  
     كأزهارِ عصافيرَ الجَّنةِ 
تنسابُ عميقاً في بهاءِ المروجِ

عاشقان منتعشانِ 
ببهجةِ العناقِ
     تحتَ ظلالِ البيلسانِ  

رحَّبتِ السَّماءُ بأريجِ الزِّيزفونِ
تألَّقَتْ خدودُها مِنْ روعةِ الوئامِ

عشقٌ على مدى هبوبِ النَّسيمِ
عشقٌ يحلّقُ عالياً
     كأجنحةِ اليمامِ! 

مرَّ طفلٌ عند أسوارِ زهورِ الأحلامِ 
يحلمُ أنْ يخبِّئ ألعابَهُ
     بينَ أجنحةِ الرِّيحِ 
نامَ بينَ جفونِ اللَّيلِ
     فوقَ ندى الاقحوانِ

قمرٌ ساطعٌ في فيافي الحلمِ
رقصةُ الموجِ تؤنسُ زنابقَ الوادي
ترتسمُ فوقَ شراعِ الأماني

تمحقُ قيثارةُ الحبِّ
شدقَ الحربِ
تزرعُ في قلبِ الضُّحى
     بوحَ المزاميرِ 
     هدهداتِ الأغاني

هاجتِ الرِّيحُ مثلَ حنينِ بحرٍ 
     مثلَ أشواقِ عاشقةٍ
هائمةٍ في اقتلاعِ شوكٍ
تنامى في طريقِ الهيامِ

جرفتِ الرِّيحُ رمالَ الصَّحارى
هدوءٌ يناغي إغفاءةَ اللَّيلِ!

قوَّةُ العشقِ تنمو مثلَ عذوبةِ النَّفلِ 
     مثلَ اهتياجِ الرِّيحِ
قوَّةٌ معرّشةٌ في حبقِ السَّوسنِ  
متألِّقةٌ في جفونِ السَّماءِ!

هجمَتِ الدَّبابيرُ على أقراصِ العسلِ
جنَّ جنونُ النَّحلِ 
     من بحبوحةِ الأريجِ 
طارَتِ الملكاتُ 
     إلى أعماقِ البراري
تبحثُ عن خلاصٍ
     من رعونةِ الدَّبابيرِ  

حطَّ مالكُ الحزينِ
     فوقَ روعَةِ الشَّاطئِ
غاصَتْ ساقاهُ
     في نعومةِ الرِّمالِ
تقافزَتِ الضَّفادعُ جذلى


فراخُ البطِّ تداعِبُ
     وجنةَ الموجةِ  

تلملمَتِ الحساسينُ
     حولَ دروعِ السَّلاحفِ
تسمعُ شخيرَ فُقمةٍ غافيةٍ
     تحتَ دفءِ الشَّمسِ! 

ركبتْ أميرةُ الغاباتِ هودَجَاً
     مزيَّناً بأزاهيرَ الرُّمّانِ
حطَّ باشقٌ فوقَ بيرقِ الهودَجِ
بهجةٌ في شغافِ الرُّوحِ تنمو
رقصَتِ الأزاهيرُ رقصةَ فَرَحٍ
حلّقتِ البلابلُ فوقَ روعةِ العبورِ
مغردِّةً على إيقاعِ الغمامِ

عَبَرَتِ الأميرةُ حنينَ البراري
تهادى الهودجُ
كأنّهُ يسيرُ
     فوقَ انسيابِ الموجِ 
سارَتْ فوقَ طراوةِ العشبِ
قلبٌ مفعمٌ بأزهى الأماني!

طارَتْ أسرابُ الزَّرازيرِ
     فوقَ اخضرارِ السَّنابلِ
السَّماءُ تموجُ بأريجِ الزَّيزفونِ

طفلٌ يهفو إلى قُبلةِ العيدِ
وداعةُ الصَّباحِ
تلوِّنُ وجنةَ الطُّفولةِ
     بندى الخميلِ!
عاشقةٌ مكلَّلةٌ بالخشخاشِ المنثورِ 
تحلمُ باغفاءةٍ متوَّجةٍ بالعناقِ
     فوقَ أعشابِ المحبّةِ
تنعشُ الفؤادَ
     تحتَ ظلالِ القرنفلِ! 

حُلَلٌ سندسيّة مضمّخة بنضارةِ النّدى
تنضحُ مِنْ مباسمها طلَّةً أخَّاذةً 
فصوصٌ مهفهفةٌ كبياضِ الثَّلجِ
اصفرارٌ فاتحٌ
     على أطرافِ بتلاتٍ
كأنّهُ لهيبُ شمعةٍ
يداعبُهُ نسيمُ الصَّباحِ

تحنُّ موجاتُ البحرِ
     إلى تناثرِ النَّارنجِ
     فوقَ رذاذاتِ الموجِ

يهرب مرجانُ البحرِ
     مِنْ سرطانِ الماءِ

هاجتِ الرِّيحُ مِنْ لظى النّيرانِ 
اغبرَّتْ قيافةُ السَّماءِ
أريجُ النّرجسِ امتزجَ
     معَ عبقِ الزَّنبقِ
تناثرَتْ رذاذاتُ الفرحِ
     فوقَ حنينِ الأرضِ

اسرعَتِ الدَّلافينُ
تبحثُ عَنْ صغارِها
تخشى أنْ تبلعَها أنيابُ الحيتانِ

جميلٌ نقّارُ الخشبِ
يعطي بهاءً لشقائقِ النُّعمانِ 
     لتغريدِ الطُّيورِ 
     لحفيفِ الأغصانِ

ابتسمَتْ براعِمُ النَّسرينِ
     لمهجةِ اليراعِ

انبعثَتْ قُشَعْريرةُ انتعاشٍ
     في خفقةِ شاعرٍ 

حلّقَ عالياً مثلَ نسرٍ
حالِماً أنْ يكتبَ شعراً
     فوقَ وميضِ الشَّفقِ
دبَّ حنينُ الرَّوضِ
     في أرجوحةِ غربتي  
لَمْ أجدْ أجدى مِنَ العبورِ
     في مروجِ الآسِ
أشتمُّ عبقَ السَّوسنِ
فارِشاًً قلبي
     فوقَ أسرارِ اللَّيلِ

تألَّقَ الحرفُ 
     من بهاءِ 
          نضوحِ البحرِ

موجةٌ تعلو خدَّها 
     أقراصُ العسلِ

استرخى طائرُ اللَّيلِ 
     على ضفيرةِ الوردِ

تمايلَتْ أزاهيرُ الغاردينيا
     فوقَ أجنحةِ فراشاتٍ 
حطّتْ لتوِّها
     على شفاهِ الحنينِ

تعرَّشَ اللّبلابُ فوقَ أسوارِ
     حوشي العتيقِ
مرشرشاً شوقَ القصيدةِ
     فوقَ أجنحةِ السِّمرمرِ

ما هذا النَّحلُ الغائصُ
     في تويجاتِ العوسجِ؟

ينمو الإنسانُ على الأرضِ
كما تنمو أعشابُ البراري

يرحلُ تاركاً خلفَهُ أسراراً
موغلةً في الغرابةِ والإدهاشِ 
تُجْفِلُ مرابعَ الألقِ

وحدُهُ الشِّعرُ 
قادني إلى خزامى
تبهجُ القلبَ
تنعشُ خمائلَ البدنِ

حلَّقَ باشقٌ فوقَ غابةٍ
مكلَّلةٍ بالكينا 
     وأريجِ الكرومِ
حطََّ طائرُ البَلَشونِ
بعدَ رحلةٍ طويلةٍ
     فوقَ قرنيِّ غزالةٍ برّيةٍ
عبرَتِ الغزالةُ في أعماقِ الأدغالِ 
توقَّفَ بلبلٌ عَنْ تغريدِهِ
عندما رأى طيراً
     فوقَ قرنَيِّ الغزالِ 

نامَ طفلٌ تحتَ ظلالِ الدَّالياتِ
تعرَّشَتْ أغصانُها
في تلافيفَ التِّينِ
نحلةٌ في أعلى الغصنِ
تنتظرُ امتصاصَ حنينِ الغربةِ
ضلَّتِ النَّحلةُ عَنْ نكهةِ الرَّحيقِ
تاهَتْ بينَ خيوطِ الغسقِ

تفرّعَتْ وريقاتُ البابونجِ
متمايلةً فوقَ أعناقِ زهورٍ ورديّةٍ
مرتسمةٍ على شكلِ هلالٍ
     في قبَّةِ السَّماءِ
تهفو إلى تجلِّياتِ شاعرٍ
يكتبُ بماءِ البحرِ
قصيدةً من وحي خيوطِ الشَّفقِ
يرسمُ بوحاً
مِنْ وحي ابتسامةِ طفلٍ
     لعبَّادِ الشَّمسِ

تخبِّئُ تويجاتُ الزَّهرةِ بينَ تلافيفَهَا
     مهاميزَ بوحِ القصيدةِ
     خيوطَ الشَّوقِ إلى مروجِ الحياةِ
تخبِّئُ أسرارَ همهماتِ اللَّيلِ
     بياضَ الرُّوحِ لخيراتِ السَّماءِ  

ما هذا الدَّبقُ المشرشرُ
     على ساقِ الوردةِ
هل زارَها عاشقٌ
يركنُ حولَ دنانِ العسلِ؟!

بزغَ عنفوانُ أغصانِ التُّوتِ
حبَّاتٌ مقطّرةٌ ببخورِ الحياةِ
تشمخُ عالياً
كأنّها تناجي نوارسَ البحرِ
تزدادُ ألقاً متجذِّرةً
     في جذعٍ مقمّطٍ بعروقِ قنّبٍ
كأنّهُ منبعثٌ مِنْ أرخبيلاتِ القمرِ

هربَتْ غمامةٌ موشّحةٌ
     بدخانِ جسدِ المدائنِ 
غطَّتْ مساحةً مِنَ الأنينِ
المنبعثِ من آهاتٍ موغلةٍ
     في جبينِ السِّنينِ

عبرَتْ نسمةٌ منعشةٌ
     في تخومِ الوادي
غطّتْ أوراقَ الدَّالياتِ المتدلدلةِ
     على أزاهيرَ الغاردينيا
توغَّلَ طيبُهَا عميقاً
     في أسرارِ الأرضِ

لإشراقةِ الشَّمسِ
فرحُ الولادةِ
انبعاثُ شهيقِ الأملِ

زغبٌ خفيفٌ
مغطَّى بأحلامٍ محبوكةٍ
     بمروجِ الرَّوابي 
     بجموحِ حرفٍ
يرتسمُ مثلَ بهاءِ النَّفلِ
     فوقَ خدودِ الشِّعرِ
ترعرعَتِ المحبَّةُ
     في اشراقةِ القصيدةِ
زرقةُ البحرِ تهفو
     إلى أجنحةِ السَّماءِ

تدبَّقَتْ أجنحةُ جرادٍ هاربٍ
     على قارعةِ الأنينِ
تدبّقَتْ من نضوحِ نضارةِ الصَّباحِ

طبيعةٌ متعانقةٌ
     مَعَ مرمى الكائناتِ

هَبَطَتِ العصافيرُ
تلتهمُ حبَّاتِ القمحِ
تناثرَتْ بتلاتُ وردةٍ
     فوقَ أجنحةِ الجَّرادِ

شمسُ المودّةِ
تسطعُ فوقَ شِغافِ الرُّوحِ
صواري القلبِ تعلو
     فوقَ أسرارِ البحرِ
تمايلَ نهدُ العاشقة
     فوقَ شهوةِ الموجِ
غيمةٌ حُبلى بأريجِ العناقِ
تهاطلَتْ فوقَ مرامي القلبِ
ترعرعَتْ تفَّاحةُ الرُّوحِ
     في ذروةِ حبورِ الحَصَادِ

تعرَّشَتْ جذورُ الأوكاليبتوس 
     في طراوةِ الأرضِ
تاركةً نسيمَ اللَّيلِ
ينعمُ بركاتَهُ
     على أوجاعِ الكونِ

تذكَّرَتْ عاشقةٌ
     باقاتِ الياسمينِ
تلمَّسَتْ خدّها الغارقِ
     في أحلامِ الشَّرقِ
مراراتٌ مخبوءةٌ
     في عيونِ العابرين

خشونةٌ طافحةٌ في ظلالِ المكانِ
هجرتِ السّنونو أعشاشَهَا
     قبلَ انتعاشِ الرَّبيعِ
عبرتِ القنافذُ في تخومِ الأدغالِ
     على ايقاعِ شخيرِ اللَّيلِ
تكوَّرَتِ الثَّعابينُ في جحورِها
مرهفةً السَّمعَ إلى شدوِ البلابلِ
خرجَتْ إحداها متوغِّلةً بهدوءٍ
     في وريقاتِ الخبّيزِ 
استرخَتْ فوقَ أعشابٍ
تبرعمتْ مِنْ حفاوةِ الأرضِ

تبدَّدَتْ طلاسمُ اللَّيلِ
     مِنْ هيبةِ العتمةِ
قمرٌ مِنْ قبّةِ اللَّيلِ يرنو
     إلى بتلاتِ الأوركيدِ
بتلةٌ تغفو فوقَ أخرى
حطَّ عصفورُ الجنّةِ
     فوقَ أغصانِ الفلِّ   
غارَتْ براعمُ النَّسرينِ
     مِنْ تغريدِ البلابلِ

تداخلَتْ شجيراتُ الشَّوكِ
     مَعَ أعشابِ القنّبِ
تدلَّتْ أغصانُها الصَّغيرة
تستقبلُ هفهفاتِ النَّسيمِ
كأنَّها عناقيدُ فرحٍ معلّقةٌ
     في أغصانِ السَّماءِ
رسمَ طفلٌ في طورِ الحبورِ
زهرةً منقَّطةً بازرقاقٍ شفيفٍ
ذاتُ بتلاتٍ صغيرةٍ صفراء
ضاربةٍ إلى نصاعةِ البياضِ

طفلٌ محاطٌ ببهاءِ النَّفلِ
رسمَ نفسَهُ طائراً
يرفرفُ فوقَ أجراسِ الرَّحيلِ
حالِماً أنْ يغفو تحتَ أشجارِ اللَّوزِ
حولَهُ سلَّة مملوءة
بعناقيدَ عنبٍ مكوَّمةٍ
     فوقَ وُريقاتِ التِّينِ

وقفَ البحرُ متأمِّلاً في أسرارِ العتمةِ
فارشاً محارَهُ في خفايا اللَّيلِ

غزالةٌ جامحةٌ
تناثَرتْ نقاطٌ بيضاء فوقَ صدرِها
جنحَتْ عَنِ القطيعِ
قاصدةً عذوبةَ البحرِ
شربَتْ خلسةً
ملتحفةً بأجنحةِ اللَّيلِ
بعيداً عَنْ غدرِ التَّماسيحِ
أزاهيرٌ حمراء موشّحة
بدوائر بنفسجيّة صغيرة
ذات فصوصٍ زرقاء
     على شكلِ قلوبٍ ملتاعةٍ
شوقاً إلى هلالاتِ النُّجومِ
تزيّنُ سيقانَها أغصانٌ بيضاء
متدرِّجةً باصفرارٍ غامقٍ
تحنُّ إلى خدودِ طفلةٍ حالمةٍ
     ببهاءِ عبقِ الأزاهيرِ

تماهى أريجُ النّعناعِ البرّي
     مَعَ زبدِ البحرِ
توغَّلَ في بهجةِ الموجِ

نوارسُ البحرِ تعلو وتهبطُ
تلامسُ خدودَ الموجِ

فرحٌ على ثغرِ اللَّيلِ ينمو
يهمسُ الموجُ لأعماقِ البحرِ
     لأسرابِ اليمامِ
أينَ تاهَتْ وردةُ الصَّباحِ؟!


قمرُ يغنِّي أغنيةَ حنينٍ
موشومٍ على جباهِ الصَّيادينِ
     على وسادةِ عاشقٍ غافٍ
          تحتَ وشاحِ الغمامِ

تناثَرَتْ أزاهيرُ الخطميّة
     فوقَ زبدِ البحرِ
هبَّ نسيمٌ ينعشُ بساتينَ الرُّوحِ

تكوَّر عاشقٌ بينَ أجنحةِ اللَّيلِ
انتظرَ طويلاً انتعاشَ زهوةِ القلبِ
فرحٌ في أغصانِ الرُّوحِ ينمو

نظرَ طفلٌ إلى الأقحوانِ
كَمْ مِنَ الحروبِ داسَتْ بكلِّ ثقلِها
     فوقَ أوراقِها البليلةِ
ظلَّتْ معشوشبةً كلَّما طلَّ الرَّبيعُ
تنحني أوراقُها 
     بينَ وشوشاتِ السَّنابلِ

تتدلّى أزاهيرٌ بيضاء
     فوقَ رأسِ هدهدٍ غافٍ
     في عشٍّ مِنْ أزهى الأعشابِ
أزاهيرٌ أرجوانيّةٌ
     على مدى البصرِ
مكسوّةٌ بأوراقٍ خضراء
تتوزّعُ نقاطٌ بنفسجيّةٌ داكنةٌ
     على حافَّاتِ وريقاتِهَا
ترقصُ على وتيرةِ
هسيسِ حشراتٍ صغيرةٍ
خرجَتْ بلهفةٍ
     مِنْ شفاهِ الأرضِ  
تستقبلُ سطوعَ الشَّمسِ!

تغلغلَ طنينُ نحلةٍ
     إلى انشراحِ زهرةٍ برِّيةٍ
متمايلةٍ 
     على قرنَيِّ جرادٍ أخضر
بحثاً 
     عَنْ تواشيحَ العسلِ

حطَّتْ فراشةٌ مكسوَّةٌ بوبرٍ
متماهٍ معَ نضارةِ الحنطةِ
     فوقَ أشواكِ قنفذٍ غافٍ
     تحتَ ظلالِ عبّادِ الشَّمسِ!

رقصَ الثَّلجُ
     فوقَ أكواخِ الغجرِ
خرجَتْ نعاجُهُم تلهو
     على إيقاعِ رقصةِ الثَّلجِ

تناثرَتْ حبيباتُ التُّوتِ
     فوقَ أغصانِ القرنفلِ  
امتزجَ عبقُ القرنفلِ
     مَعَ مذاقِ التُّوتِ
بسمةٌ عذبةٌ ارتسمَتْ
     فوقَ انبلاجِ الشَّفقِ

تيبَّسَ حَلْقُ الأرضِ مِنْ وطأةِ العطشِ
     مِنْ غيابِ بخورِ السَّماءِ
تحلمُ أنْ ترتمي بشهيِّةٍ مهتاجةٍ
     في أحضانِ البحرِ 
تخفيفاً مِنْ لظى حنينِ العناقِ

تهفو شقوقُ الأرضِ
     إلى قطراتِ المطرِ
     إلى انهمارِ نِعَمِ السَّماءِ 
تحنُّ إلى حبورِ المروجِ
     إلى بهاءِ الألقِ!
عبرَ قنديلُ البحرِ
     في مغائرِ المرجانِ
جمالٌ يفوقُ رحابةَ الحلمِ
كيفَ يغفو البحرُ وفي أحشائِهِ
كنوزٌ مِنْ أبهى نفائسِ العالمِ؟!

رفعَتْ أفعى رأسَهَا
تسمعُ تغاريدَ بلبلٍ
تساءَلَتْ
أَأسمعُ عذوبةَ التَّغريدِ
أَمْ آكلُ لذائذَ المحاسِنِ؟!

تمعَّنَ البحرُ في أسرارِ العتمةِ
ينتظرُ دفءَ شمسٍ
توارى نورُها
     خلفَ شَغَفِ غيمةٍ 
تفوحُ شوقاً
لاحتضانِ شهوةِ المطرِ!

داعبَ نسيمُ الصَّباحِ وداعةَ الوردِ
تفتّحتْ براعمُ الحنينِ
متراقصةً بكلِّ حبورٍ
     مَعَ ابتهالِ الأمَّهاتِ!
تعرَّشَتْ عناقيدُ المحبَّة
     في وهادِ الأغاني
تبحثُ عَنْ دهشةِ الضُّحى
     عَنْ هديلِ اليمامِ

جفلَ أرنبٌ مِنْ خشخشاتٍ مريبةٍ
قفزَ بكلِّ جموحٍ
عابراً أعماقَ الغاباتِ
هرباً مِنْ رعونَةِ الرِّيحِ

طفحَ الحبُّ 
     مِنْ زغبِ البراعمِ
     مِنْ مآقي الأطفالِ
     مِنْ بوحِ الأزاهيرِ
تناثرَ حبوراً
     بينَ خيوطِ الشَّفقِ

طارَتِ الفراشاتُ
     نحوَ أسرابِ الْحَجَلِ  
حطَّتْ على وَبَرِ السَّنابلِ
أعشابُ اللَّيلِ عطشى
     إلى انتعاشِ الألقِ

نامَ اللَّيلُ على أمواجِ البحرِ
تناثرَتْ رذاذاتُ الشَّوقِ
     فوقَ أحلامِ عاشقٍ
مندّى بيخضورِ الحياةِ

تناهى طنينُ نحلةٍ
     إلى حفاوةِ الأرزِ 
     إلى مدقَّاتِ الأقاحي
     إلى مجسّاتِ الجرادِ

تمايلَ دوّارُ الشَّمسِ
كأنّهُ يرقصُ
     على تغريدِ البلابلِ
غيرُ آبهٍ 
     بخشخشاتِ السَّناجبِ

نملةٌ تساعدُ نملةً
يغارُ صرّارُ اللَّيلِ
     مِنْ دقَّةِ النَّملِ
كأنّها في سباقٍ معَ الزَّمنِ
تموِّنُ حبَّاتِ القمحِ
     لأحزانِ الشِّتاءِ

تصاعدَتْ أوجاعُ الأرضِ
     نحوَ بهاءِ السَّماءِ   
نضحَ بخارٌ مِنْ تشظّي الأوجاعِ
رقصَتِ السَّماءُ 
     على تماوجاتِ النَّسيمِ
رقصةَ الانتشاءِ
هطلَتْ نقاوةُ القطراتِ
مطهِّرةً أورامَ الأرضِ!

فرحٌ في نَسَغِ الأزاهيرِ ينمو
طارَتِ الحساسينُ
تبشّرُ الصَّحارى
     عَنْ شَبَعِ الفقراءِ
     عَنْ نِعَمِ السَّماءِ

تصاعدَ البخارُ
     فوقَ بهجةِ الأمواجِ
غطّى أسرابَ النَّوارسِ
بياضٌ شفيفٌ
يحجبُ بسمةَ الشَّمسِ
حلَّقَتْ أسرابُ البطِّ عالياً
عبرَتْ في أسرارِ الغاباتِ

خرجَ طفلٌ مِنْ أجنحةِ الموجِ
موجِّهاً ولعَهُ
     نحوَ دفءِ المروجِ  

تنشرُ السَّماءُ صفاءَ بياضِهَا
     فوقَ أسرارِ الموجِ

أخرجَ الطِّفلُ خيطاً رفيعاً
يتشابَكُ على صدرِ طائرةٍ ورقيَّةٍ
حلَّقتْ فوقَ سُفُنِ البحرِ
أيقظَتِ الطَّائرةُ حنيناً
     إلى حبورِ مخابئِ العمرِ!

نامَ القمرُ بينَ آهاتِ اللَّيلِ
رفرفَتْ نجمةٌ تائهةٌ
تحلمُ بالارتماءِ
     في وجهِ الضُّحى!

هطلَ العشقُ في أوجِ الخريفِ
مخفِّفاً مِنْ برودةِ الصَّباحِ
اتكأ العاشقُ فوقَ ضرعِ الهناءِ
وحدُهُ العشقُ
يمحقُ أورامَ المساءِ!
بدَّدَ قنديلٌ صغيرٌ
     عتمةَ اللَّيلِ

وجهُكِ يشبهُ
     شفيفَ الموجِ

كَمْ مِنَ العناقِ
حتّى اخضوضرَتْ
مروجُ الغاباتِ!

جمحَتْ غزالةُ الرَّوضِ
تعبرُ تخومَ البراري

تقاطرَ عسلٌ مِنْ ضرعِ شجرةٍ
     مبلَّلةٍ بأماني المزارِ!

زغبٌ مندَّى 
بسموِّ الرُّوحِ
ينمو فوقَ قلاعِ الحرفِ
     فوقَ مرتعِ البحرِ
جناحُ القصيدةِ يعلو
يلامسُ وجنةَ الموجةِ!

حلمٌ يناغي اطلالةَ الفجرِ
أنغامُ نايٍ شجيٍّ
تناهَتْ إلى أسماعِ عاشقةٍ
تهفو إلى نَعيمِ المطرِ
أنغامٌ تنسابُ
     إلى سكونِ الصَّحارى
تناهى شدوُ البلابلِ
بكلِّ انتعاشٍ
     إلى أحلامِ العذارى 

تلطَّخَتْ مهاميزُ العرشِ
     مِنْ شرخِ الانهيارِ
لِمَنْ سيبوحُ الحبيبُ أسرارَهُ
بعدَ موتِ الجلّنارِ
لِمَنْ سيرفعُ الهدهدُ غرّتَهُ
     بعدَ دمارِ الدِّيارِ؟  

أينعتْ براعمُ النَّسيمِ
على أنغامِ ابتهالِ الصَّباحِ
سراجُ القلبِ يضيءُ
عتمةَ العشقِ
يزرعُ نعمةَ الحنطةِ
     في قبلةِ العيدِ
فرَّ العيدُ بعيداً
يبحثُ عَنْ مهدِ البراءةِ
     عَنْ حبورِ الطِّفلِ السَّعيدِ

تنبعُ قصائدي مِنْ نَسغِ الورودِ
     مِنْ صفاءِ الوريدِ

تاهَتْ سنابلي
     عَنْ رضابِ الفجرِ الوليدِ

تحنُّ الوردةُ
     إلى طنينِ النَّحلِ
     إلى جياعِ اللَّيلِ
     إلى نداءِ الأغاني
تغفو بينَ ضياءِ الوميضِ

تعالي يا مروجَ عشقي
مهّدي حنانَ اللَّيلِ
     لبهاءِ الشِّعرِ

باحَ البحرُ همَّهُ لقوافلِ العشَّاقِ
     لأسرابِ الطّيورِ
مَنْ ينقذُ البحرَ مِنْ لجينِ الآهاتِ؟
هاجتِ الرِّيحُ
     في ربوعِ الأدغالِ
تساقطَتْ حبَّاتُ التُّوتِ
     فوقَ بتلاتِ الاقحوانِ

اتكأَ البحرُ على خاصرةِ اللَّيلِ
حلمٌ فسيحُ المدى
يتدلّى فوقَ مدارِ الأمواجِ

قوافلُ الأسى
تشقُّ جسورَ العمرِ
تجرحُ هدوءَ المساءِ

تلطَّخَ بياضُ الوردةِ
     مِنْ ضجرِ السِّنينِ
     مِنْ ضراوةِ الحروبِ
     مِنْ جوعِ البنينِ

خمدَتْ مواقدُ البيتِ العتيقِ
نجمةُ الصَّباحِ
تسطعُ فوقَ بقايا الرَّمادِ
أحنُّ كثيراً إلى طينِ حوشٍ
     معرَّشٍ بدفءِ العناقِ

ترقرقَتْ مياهُ الرُّوحِ
تسمو نحوَ صفاءِ السَّماءِ
هَلْ في تلالِ العمرِ قوافلٌ
تسيرُ نحوَ نورِ الضّياءِ؟

حلَّقَ الفينيقُ عالياً
جناحانِ موشومانِ بالحنّةِ
عروسُ اللَّيلِ غافيةٌ
على هدهداتِ القمرِ
     فوقَ وسائدِ العرزالِ 

فرَّتْ أسرابُ القطا
بعيداً عَنْ انقضاضِ النُّسورِ
بعيداً عَنْ غدرِ الشَّواقيلِ

لفَّتِ التَّعويذةُ تحتَ أسرارِ الجِّدارِ
قطةٌ سوداء
على قارعةِ الأنينِ
غرابٌ على غصنٍ محصَّنٍ
     بدموعِ غربةِ اللَّيلِ الطَّويلِ  
تخلخلَتْ أجنحةُ الأملِ
لَمْ تجدْ مخرجاً مِنْ لظى الشَّفيرِ
     سوى نقوشَ التَّعاويذِ
دنانُ اللَّبنِ مكوَّرَةٌ
     في أكوامِ الحنطةِ
تنتظرُ شفاهاً مرتعشةً ..
متعطِّشةً أنْ تبلِّلَ يباسَ الحنينِ

وقفَتْ أميرةُ الرُّوحِ
تنتظرُ رذاذاتِ الشِّعرِ
تأمَّلتْ غبشَ البحرِ
تدلَّتِ الصَّواري
     على بسمةِ الماءِ
تلألأتِ القصيدةُ بانتعاشٍ
     في هلالاتِ الضّياءِ

تبخترَ الرَّبيعُ مرحِّباً
بأهزوجةِ الفرحِ
عصافيرُ الجنّةِ جذلى
     فوقَ براعمِ الخوخِ

تناهى عبقُ النَّفلِ
     في أرجاءِ الوادي
الأرضُ عطشى لبوحِ السَّماءِ
وحدُهَا الأزقًَّةُ العتيقة
موشومةٌ بأسرارِ المساءِ
لم يرَ عروسَ البحرِ
     إلا في الحلمِ

قلبانِ غافيانِ
     على صدرِ اللَّيلِ
فائحانِ بنكهةِ السَّوسنِ

نهدان شامخانِ 
     في تجلِّياتِ الخيالِ
     في تلالِ البراري
نهدانِ غارقان
     في بحبوحةِ العناقِ

حلمٌ على مساحةِ الشَّوقِ
     على مدى شراهةِ اليراعِ

ظمأُ الرُّوحِ 
يضاهي ظمأَ الأرضِ
يناجي ورودَ التَّسابيحِ 

مالَتْ زهرةُ الخرشوف البرِّي
     على صدرِ الغزالِ! 

عطشٌ ينضحُ من تفَّاحةِ القلبِ
فاحَ أريجُ النّعناعِ
     من حوشِنا العتيقِ
     من حلاوةِ الوصالِ! 

زقزقاتُ العصافيرِ 
تغدقُ فرحاً
     على حبورِ الأفنانِ
تناثرَتْ رذاذاتُ النَّوافيرِ
     فوقَ روعةِ المروجِ
تلألأتِ الألوانُ كقوسِ قزحٍ
مسترخيةً بلذةٍ شفيفةٍ
     تحتَ رشرشاتِ الماءِ

غبشٌ خفيفُ الكثافةِ
كأنَّهُ تطايرَ مِنْ شفاهِ غيمةٍ 
عطشى إلى اهتياجِ الأرضِ

تتعالى نوافيرُ الرُّوحِ
     نحوَ جفونِ السَّماءِ
تلامِسُ بهاءَ الشَّمسِ
تضيءُ أعشاشَ العصافيرِ
     وشاحَ اللَّيلِ 
يعبرُ لحنُ الأرغنِ
     تخومَ الوادي 
حيثُ غبشُ أوَّلُ اللَّيلِ
يلملمُ مخاضَ القصيدةِ!

خمائلُ الحنينِ تتمايلُ
     فوقَ وشوشاتِ الصَّحارى  
وحدُها رذاذاتُ الموجِ
تنعشُ ظلالَ الأملِ النَّامي
     في قلبِ العذارى

أمعنَ اللَّيلُ في أعماقِ البوحِ
سطعَ بريقُ الأماني
مهدهداً لواعجَ الذِّكرياتِ
أوتارُ القلبِ غرقى
     في طيبِ اختمارِ المذاقِ 

كلونِ سديمِ البحرِ
ارتسمَ بياضٌ شفيفٌ
     على تكويرةِ بطنِ الغزالِ 
يؤنسُ وشوشاتِ البحرِ
قلبُ عاشقٍ طالَ انتظارهُ
     لنكهةِ انتعاشِ العناقِ
حجارةٌ محفوفةٌ بالأسرارِ
ترصرصَتْ فوقَ بوَّاباتِ العبورِ
ترحِّبُ بإشراقةِ وجهِ الصَّباحِ 

جموحٌ على امتدادِ المكانِ
رشرَشَتْ عاشقةٌ بوحَها الدَّافئِ
     فوقَ نداءِ العشبِ

جمرةُ العشقِ
تهدهدُ سكونَ العتمةِ

عبرَ القلبُ دكنةَ الوحشةِ
غيرُ آبهٍ برعونةِ الزَّوابعِ

تناثرَ ضياءُ البدرِ
     فوقَ زبدِ البحرِ
هدوءٌ مندّى بالسَّوسنِ
خيَّمَ على براري الحلمِ

فقدَ السّنجابُ طريقَ الوصولِ
          إلى دربِ الطَّريدةِ
أعاقَتهُ قبَبُ صبّارٍ مسترخيةٍ
     على أزرارِ التُّوليبِ! 
تمايلَتْ غزالةُ القلبِ
     على صدرِ النَّعيمِ
     على إيقاعِ همهماتِ المراعي
تُبَلْسِمُ وجنةَ العاشقِ
     بانسيابِ عذوبةِ القهقهاتِ

تتوغَّلُ ألحانُ النَّاي
     في صحارى الحنينِ  
فترقصُ الرُّوحُ
مِنْ زهوةِ الانتشاءِ

همسَ الحرفُ 
     في أذنِ وردةٍ
جفلَتِ الوردةُ
     مِنْ روعةِ الهمسِ
تمنّتْ لو غفى الحرفُ
     فوقَ خضمِّ المروجِ
مداعباً حبقَ الألقِ

تنمو مغائرُ غربتي
كأزهارِ الكرزِ
كأغصانِ النَّارنجِ

تحلِّقُ 
قبَّراتُ الحقولِ
     فوقَ بكورةِ الكرومِ
حطَّتْ بلابلُ القلبِ
     فوقَ جسورِ الحنينِ

غربَلَتِ الحنطةُ
تصفّيها مِنَ الشَّوائبِ
     مِنْ كثافةِ الغبارِ
كيفَ اجتاحَتْ كلّ هذهِ الشَّوائب
     حبّاتِ الحنطةِ
تحتاجُ غربالاً دقيقَ النُّعومةِ
ينقِّي خبزَنَا
     مِنْ رمادِ الحياةِ!

تعالى لظى النِّيرانِ
     صوبَ زبدِ الأمواجِ
فرّتْ نوارسُ البحرِ بعيداً
     مِنْ وهجِ الاشتعالِ
أيّهما أكثر استفحالاً
نارُ جهنَّمٍ
أم نارُ الغباءِ؟!

جمحَ الوعلُ
صوبَ وشوشاتِ البحرِ
غمرَ رأسَهُ 
     في وجنةِ الموجِ

عطشٌ يسربلُ أحلامَ العبورِ
تاهَ الصَّيادُ 
     عَنْ خُطى الوعولِ

ماتَ حُماةُ القبيلةِ
تقلَّصَ حليبُ البعيرِ
تخلخلَتْ مهودُ الطُّفولةِ
     مِنْ طيشِ الحروبِ

تيبَّسَ حلقُ الوهادِ
هطلَ المطرُ بعيداً
     عَنْ جبينِ الحقولِ

ترنّحَ مسارُ الحكمةِ
    مِنْ ضراوةِ جلاوزةِ العصرِ
شُروخٌ في تلالِ العمرِ تنمو
بكَتْ وشائجُ الصَّباحِ

غضبَ طفلٌ عندما سمعَ حكايةَ
     فزَّاعاتِ الطُّيورِ
خرّتْ دمعتاه
تساءلَ
لماذا لا ينصبوا فزَّاعاتٍ
     لمجانينَ الحروبِ 
أيّهما أكثرَ خطراً
مناقيرُ الطُّيورِ
أمْ أنيابُ الحروبِ؟!

جلسَ فوقَ دكّةٍ ترابيّةٍ
فارشاً حنينَهُ فوقَ باقاتِ الحنطةِ
يسيلُ لعابُهُ كلَّما يتذكَّرُ
نكهةَ الحمّصِ الأخضرِ
أينَ سيخبِّئُ 
ألعابَ الطُّفولةِ المفروشةِ
     فوقَ ضفافِ ذاكرةٍ متلألئةٍ
          بحبيباتِ المطرِ؟! 

غنّتِ الفلاحاتُ ألحاناً
     مطعّمةً بمذاقِ التَّوتِ
باحَتِ الجِّبالُ أسرارَها 
     لمروجِ الوديانِ
وهادُ العمرِ مكلَّلةٌ بالأقاحي
سلالُ التِّينِ تملأ حبورَ المكانِ
وحدُهُ اللَّيلُ يمتصُّ تعبَ السّنينِ

حطَّتِ الوردةُ فوقَ خدِّ عاشقةٍ
تائهةٍ بينَ غمامِ اللًَّيلِ
تناهى أريجُها إلى عاشقٍ
ينتظرُ على ايقاعِ الجمرِ
     حبورَ العناقِ

علّق صبرَهُ فوقَ جبينِ الهلالِ
ينتظِرُ عودةَ طفلٍ 
تاهَ بينَ ربوعِ الأدغالِ
هرباً مِنْ نيرانِ المدائنِ
طفولةٌ مرميّةٌ تحتَ رحمةِ
     أنيابِ الحيتانِ

وقفَ جدارُ الحزنِ
يمعنُ في ضجرِ الأيامِ
يهمسُ لشغفِ اللَّيلِ
     أسرارَ غربةِ الرُّوحِ
تزدادُ الأسرارُ تشقُّقاً
     مِنْ ضراوةِ الأوجاعِ
يرحلُ الإنسانُ 
     في عتمِ اللَّيلِ
حاملاً بينَ أحلامِهِ 
طموحاً مندّى 
     بوميضِ البرقِ
     بنهنهاتِ البكاءِ

تئنُّ نوافذُ غربتي
     مِنْ شدِّةِ الإيغالِ
          في أسرارِ الحرفِ
ترجرجَ حرفي
     فوقَ شراهةِ الآهاتِ
راسماً رحلةَ عمرٍ
     على تخومِ السَّماءِ

يحنُّ بابُ حوشي العتيقِ
     إلى صفاءِ القهقهاتِ
     إلى أصدقائي
     إلى خفقةِ القلبِ
كيفَ أكتبُ شعري
بعيداً عَنْ أزقَّةِ الطُّفولةِ
     عَنْ مطارحِ الصِّبا
     عَنْ قبورِ الأمّهاتِ؟!
تنامَى الشَّوقُ
     في شهقةِ حرفي
تمايلَ فوقَ مرافئِ الشِّعرِ

وردةٌ في أسرارِ الرُّوحِ تنمو
غداً سأرسمُ سفينةَ حبٍّ
تقودُني إلى محرابِ الخلاصِ

تمايلَتِ العاشقةُ
     فوقَ انتظارِ السِّنينِ
تهفو إلى رفرفاتِ السَّنابلِ
     إلى بحبوحةِ العشقِ

كَمْ مِنَ الإنتظارِ
حتّى أينعَتِ الأزهارُ شوقاً
     إلى أغصانِ القمرِ

خشوعٌ لبهاءِ الطَّبيعةِ
لأوديةٍ منعشةٍ بطيبِ الأزاهيرِ

لا تهرعْ نحوَ تلالِ الطُّفولةِ
ارسمْ طينَ الأزقَّةِ
     فوقَ صدرِ القصائدِ
وحدُهُ الشِّعرُ يخفِّفُ
     مِنْ لظى خيوطِ الحنينِ

يمعنُ البحرُ
     في بخورِ السَّماءِ
يحنو اللَّيلُ
     إلى دندناتِ الأغاني
يروي عطشَ القلبِ
وجهٌ مبلَّلٌ في شموعِ الوفاءِ

عبرَتْ سفينةُ الغرامِ
     فسحةَ الحلمِ
ترَكَتْ نافذةَ أملٍ مفتوحةٍ
     على دغدغاتِ حفيفِ الأمواجِ

عيناكِ وميضُ القصيدةِ
     نحوَ هلالاتِ الغسقِ
صدرُكِ يتمايلُ فوقَ أقاحي المراعي

تراقصَ نهداكِ فوقَ ملوحةِ البحرِ
تخفِّفانِ مِنْ شهقةِ الاشتعالِ
عناقُكُ خفقةُ طيرٍ
حلَّقَ في حديقةِ السَّماءِ!
يسطعُ الحلمُ
في ربى انتعاشِ القصائدِ

عشقٌ موغلٌ 
     في جسدِ الأزاهيرِ
يبوحُ أريجَ الغرامِ
     لغمامِ اللَّيلِ

تزهو أغصانُ الرٌّوحِ
كبرعمٍ معبَّقٍ 
     بأسرارِ النَّسيمِ

سماءٌ نائحةٌ
     فوقَ وهجِ الجمرِ
تشرَّبتِ القصيدةُ عذوبةً
     مِنْ حفاوةِ البحرِ
     مِنْ نبيذِ السَّماءِ

أرسمُ عينيكِ نهراً متدفِّقاً
     فوقَ ضجرِ المساءِ
تشبهينَ هلالاتِ الشَّمسِ
     في أوجِ الضِّياءِ

هطلَ العناقُ علينا
فرحاً مضرّجاً
     بأغوارِ أسرارِ النَّسيمِ
أدمغُ بصمتي
     فوقَ برعمَي تفاحتيكِ
يسربلني عطشُ الحرفِ
شغفٌ يتلألأُ 
     نحوَ روضةِ الشِّعرِ

أينما رحلْتِ
سيبقى العشقُ ممهوراً
     على وميضِ عينيكِ
أينما حلَلْتِ
سيبقى الحرفُ مهجةَ الشَّوقِ
     إلى أقاصي السَّماءِ

أينما تواريتِ
سيبقى عناقُ الطُّفولةِ
وشاحاً دافئاً لبوحِ القصيدةِ

أيّتها الآتية مِنْ ظلالِ البحرِ
     مِنْ نضارةِ العذارى
     مِنْ أسرارِ الصَّحارى
هَلْ زارَكِ مرجانُ البحرِ
     في قيظِ الظَّهيرةِ
     في ليلةِ ابتهاجِ القمرِ
     في أوجِ ابتهالِ الأزاهيرِ؟!

حَفَرَتِ القبيلةُ أزاميلها
دونَ وجلٍ
     فوقَ بيارقِ الحرفِ
هجمتْ على صباحاتِكِ
     حِرابُ الصَّولجانِ
تغلغلَتْ في فسحةِ الحلمِ
     دكنةُ اللَّيلِ  
ضجرٌ على مساحاتِ الحنينِ
حصارٌ على شهيقِ البوحِ

ترعرعَ الشِّعرُ بينَ ضلوعِ الخميلِ
يهفو إلى أفانينَ الأشجارِ
     إلى ألعابِ الطُّفولةِ
     إلى شخيرِ الآباءِ

كَمْ مِنَ البوحِ
حتّى تمايَلَتْ ضفائرُ الرِّيحِ
     فوقَ جراحِ الحرفِ
وحدُهَا القصيدةُ 
تحصِّنُ الرُّوحَ
     مِنْ لظى الأوباشِ
     مِنْ تفشِّي شروخِ الوباءِ

يلوذُ القلبُ إلى كهوفٍ منسيّة
بحثاً عَنْ آلهةِ العشقِ
تهفو وجنتاكِ إلى حنايا السَّماءِ

وقفَ الحزنُ فوقَ تكويرةِ الحرفِ
     فوقَ بسمةِ الشِّعرِ
     فوقَ أغصانِ العمرِ
مرشرشاً شراراتٍ
مجبولةٍ بخيوطِ العناكبِ
قامعاً زهوةَ الانتشاءِ

وحدُهُ الشِّعرُ
يعيدُ إلى ربوعِ العمرِ
     بريقَ الضّياءِ

تعبرينَ عتمةَ الموجِ
مروِّضةً فحيحَ الضَّجرِ
متوجِّهةً نحوَ برزخِ الأجدادِ
تتربَّعُ تيجانُ الشَّوكِ
     فوقَ جبهةِ الشَّوقِ
تَعَبٌ يدبُّ في لجينِ الذِّكرى
وجعٌ مُرصرصٌ
     في بؤرةِ الأحلامِ
تنزاحُ همومُكِ بعيداً
     عَنْ شرارةِ الحرفِ
تتبدَّدُ في شغفِ الرِّيحِ

ترزحينَ تحتَ سياطِ الكبحِ
تبتسمُ لكِ تلألؤاتُ النُّجومِ
تزدادينَ صلابةً
كأنَّكِ وردةٌ مستنبتةٌ
     مِنْ بخورِ الشِّعرِ

تنتظرينَ بزوغَ الفجرِ
بحثاً عَنْ حبرِ الخلاصِ

تلتقطينَ قلماً 
     مِنْ وهجِ الشُّموعِ
ترسمينَ تواشيحَ القصيدةِ
في إشراقةِ جفونِ الصَّباحِ!

تهرُّ أمامَ هامةِ الشِّعرِ
أبراجُ السَّلاطينِ
لملمَ القلمُ تأمُّلاتِ سموِّ الرُّوحِ
آهاتٌ تحيقُ ببسالةِ القلمِ

تسمو الكلماتُ فوقَ رقابةِ الصَّنمِ
يهفو الشِّعرُ إلى أسرارِ الأزقَّةِ
يرغبُ انتشالَ الحزنِ
     مِنْ مآقي الفقراءِ

تمرَّدَ الحرفُ على سنابِكِ السَّأمِ

أينَ تخبِّئينَ دمعةَ الرَّحيلِ
زمنٌ يحلِّقُ في نصاعةِ الفراغِ
تاركاً لظى الشَّمسِ
يفتِّتُ صلابةَ الصَّخرِ

تهرُّ أوراقُ العمرِ 
     كأشجارِ اللَّوزِ
وحدُها الذّكرياتُ تغفو
     فوقَ مجسَّاتِ المروجِ
بعيداً عَنْ غبارِ الغربةِ

تدمعُ عيناكِ شوقاً
     إلى دُرفةِ البيتِ العتيقِ
أمٌّ مِنْ طينِ الوداعةِ
مشلوحةٌ 
     فوقَ خشونةِ الصَّولجانِ
تنتظرُ سطوعَ الضَّوءِ
تحلمُ بعودةِ شاعرةٍ
انبعثَتْ فجراً مِنْ كينونتها
شاعرةٌ مخضّبةٌ بالبكاءِ
تحملُ بينَ روابيها
أحلاماً 
     غارقةً 
          في الجُّموحِ!

غَرقَ الشَّرقُ 
     في طوفانِ الطَّيشِ
تاهَ في عرى القهرِ
     في مهبِّ الغبارِ

وحدُهُ الشِّعرُ ينتشلُ أوجاعَنا
     مِنْ تيهِ الضّياعِ
يغربلُ شوائبَ العمرِ
يبلسمُ جراحَ الجِّياعِ!
هَلْ تحنِّينَ إلى احتضانِ الأمِّ
     إلى خريرِ البوحِ الزُّلالِ؟!

أمٌّ تغفو على بوَّابةِ الأملِ
تغفو على مروجِ الحلمِ
تنتظرُ منكِ قصيدةً مطعّمةً
     بكنوزِ المزاميرِ
لماذا لا تنثري مزاميرَكِ
     فوقَ شهيقِ الرِّيحِ
لعلّها تخفِّفُ مِنْ قيحِ الجِّراحِ
لعلَّها ترسمُ وردةً
     فوقَ ثغرِ الصَّباحِ؟!

كيفَ لامسَ خدُّكِ تبرَ الحرفِ
غافياً فوقَ أغصانِ القصيدةِ؟

تطهَّرَتِ الرُّوحُ مِنْ طحالبِ القهرِ
تكلَّلَتْ عذوبةً بوهجِ الشِّعرِ

حبرُكِ يا أميرةَ الحزنِ
يناغي حفاوةَ الصِّلصالِ
تتناثرُ دماءُ القصيدةِ
     فوقَ عرشِ الطِّينِ
يتلألأ قمرٌ في بحارِ الرُّوحِ
تغارُ منه نُجيماتُ اللَّيلِ
عناقٌ يضاهي فراديسَ الحلمِ
يلامسُ شغفَ الطُّفولةِ

قصيدةٌ 
مِنْ بهاءِ 
     إندلاعِ 
          النَّيازكِ
تنبعثُ مِنْ وميضِ عينيكِ
تصبُّ في قلاعِ الحنينِ

غداً سيرقصُ الموجُ
     على رفرفاتِ البساتينِ

يحفرُ القلمُ حرفاً عميقاً
     في عتمةِ الزَّنازينِ
يصفِّي شوائبَ الحياةِ
    مِنْ مخابئ القاعِ
يمحقُ رعونةَ الضَّجرِ
يرسمُ حنينَ الرُّوحِ 
     في محارِ القصيدةِ
     في إيقاعِ الأغاني!
فرّتِ العاشقة مِنْ دفءِ القصيدةِ
     مِنْ بحبوحةِ الألوانِ
جفَّتْ مآقي الرُّوحِ
ضجرٌ في سماءِ الصَّباحِ ينمو
تصحَّرَتْ أغصانُ الخيالِ
لماذا غِصْتِ في هوامشِ الحياةِ؟

عشقٌ مِنْ وهَجِ الزمُرُّدِ
يخبو في زبدِ البحرِ
يفرُّ بعيداً عَنْ أراجيحَ العناقِِ

تلظّى القلبُ
تيبَّسَ حلقُ الشِّعرِ
     مِنْ عطشِ الشَّوقِ

بركانٌ مِنْ الأسى
يلوحُ فوقَ روابي اللَّيلِ
وحدُهُ الشِّعرُ ينقذُني
     مِنْ جلافةِ الكونِ
     مِنْ غدرِ الزَّمانِ
     مِنْ خيانةِ الأنسِ
     مِنْ بسمةِ الأشرارِ
     مِنْ مكرِ التَّلاوينِ!
نهداكِ موجتا عشقٍ
     فوقَ مروجِ ألواني
خدَّاكِ مكتنزانِ بأريجِ التِّينِ
كيفَ تغفينَ بعيداً
     عَنْ مهاميزَ أغصاني؟!

قاسيةٌ غربتي عندَ اغفاءةِ اللَّيلِ
     عندَ بزوغِ الفجرِ
     عندَ اشتدادِ الحرِّ
     عندَ اهتياجِ البحرِ

كيفَ فاتَكِ مناسِكُ عشقي
مناسكي براعمٌ متلألئةٌ
     فوقَ سفوحِ نهديكِ

كَمْ مرّةً قبَّلْتُ روحَكِ العطشى
     إلى ينابيعَ روحي

كَمْ مرَّةً نقشْتُ اشتعالي
     فوقَ جيدِكِ المضمّخِ
          بالعسلِ البرّي؟
كَمْ مرَّةً تلألأتْ عيناكِ
وأنتِ في أوجِ العناقِ؟
أيّتها المحفوفة بألقِ الشَّبقِ
كيفَ فاتَكِ أنْ تغفَي
     في صحارى اللَّيلِ  
بعيداً عَنْ طيبِ المذاقِ؟

جنونٌ أنْ تلهيكِ عنّي
     منغصّاتُ الحياةِ

خيانةُ الخياناتِ
أنْ يسطو غادرٌ
     فوقَ برارةِ عشقي

خيانةُ الخياناتِ
أنْ تنامي بعيداً 
     عَنْ مذاقِ عناقي

زمنٌ مِنْ دكنةِ الغدرِ
تكثرُ فيه إبرُ البعوضِ
ما هذا اللُّبلابُ المتسلِّقُ
     فوقَ تعرُّشاتِ عشقي
نحوَ بحبوحةِ موجي
     نحوَ حفاوةِ الرُّوحِ؟

أيَّتها التَّائهة في مراراتِ النَّهارِ
أيَّتها المفهرسة بشهامةِ الحرفِ
كَمْ مرّةً طلبْتِ منّي
أنْ أظلَّ على انصهارٍ
     مَعَ جذوةِ الشَّبقِ
إلى أقصى بهجاتِ العناقِ 
     إلى أزلِ الآزالِ 

وجعٌ في مروجِ الرُّوحِ ينمو
وجعٌ في براءةِ القصيدةِ
وجعٌ في بوحِ الحبرِ
وجعٌ في ظلالِ الانتظارِ

أيَّتها المتغلغلة في أسرارِ كياني
يزدادُ كياني إليكِ اشتعالاً

لهبٌ يصبُّ في أعماقِ أحزاني
سيبقى قلبُكِ يهفو إلى قلبي
رغمَ غدرِ الجناةِ
أينَ المفرُّ مِنْ بحورِ حنيني

تشبهينَ لونَ الغمامِ المندَّى
     بيخضورِ الهيامِ
كَمْ مرَّةً تلألأتِ عناقاً
     في أعماقِ اللَّيلِ 

كَمْ مرَّةً رسمتُكِ 
نجمةً ساطعةً
     فوقَ أجنحةِ اليمامِ

أيَّتها المبرعمة
     في برزخِ الرُّوحِ
لماذا تهربينَ بعيداً
ألا تخشينَ السُّقوطَ
     في شِباكِ الحياةِ؟

كيفَ تغفو عيناكِ بعيداً
     عَنْ رقصةِ البوحِ
     عَنْ هديرِ الانتعاشِ
كيفَ تغوصينَ في قيظِ الصَّحارى
بعيداً عَنْ عطشِ الشَّرايينِ؟

مراراً بُحْتُ شوقي إليكِ للشَّفقِ
مراراً حنَنْتُ إلى مذاقِ العناقِ
مراراً سقيتُ عطشَ قلبكِ
     إلى شهوةِ الرُّوحِ روحي

مراراً غفيتِ بينَ حفيفِ القلبِ
مراراً ولجْتِ عميقاً
      في خفايا القصيدةِ  
يا قصيدتي المفتوحة
     على نواقيسَ الكونِ

وحدُهُ الشِّعرُ يبدِّدُ أرَقي
وحدُهُ الشِّعرُ ينتشلني
     مِنْ شوائبِ الدَّهرِ
وحدُهُ الشِّعرُ يحميني
     مِنْ سهامِ الغدرِ

كَمْ مِنَ القصائدِ
كَمْ مِنَ العناقِ
كَمْ مِنَ البوحِ
كَمْ مِنْ خَفقةِ الرُّوحِ
كَمْ مِنَ الدُّفءِ
     في هودَجِ العشقِ
كَمْ مِنَ الاشتعالِ
في طراوةِ التِّلالِ
تلالُكِ حفاوةُ شبقٍ
     مِنْ أشهى التِّلالِ!

عناقاتٌ مِنْ نكهةِ
     رذاذاتِ الفرحِ وبوحِ السَّماءِ
تنبعُ بخورُ العشقِ
     في أركانِ المكانِ 
عندما تنسابُ رعشةُ العشقِ
مثلَ غيمةٍ مضمّخةٍ ببخورِ الابتهالِ!

أكتب قصائدي مِنْ وحي الفرحِ
     مِنْ وحي خريرِ اللَّيلِ
     مِنْ وحي خشخشاتِ الصَّحارى

أكتبُ مِنْ أعماقِ 
     نداءِ الطِّينِ والمطرِ
أسترشدُ أسرارَ الحرفِ
     مِنْ مغائرِ جبل جودي

هَلْ فعلاً وقفتْ سفينةُ نوحٍ
على سلاسلِهِ المتماهية
     مَعَ جبلِ آرارات؟

كَمْ مرَّةً حلمْتُ
أنْ يكونَ لي صديقةً
منبعثةً مِنْ هاماتِ جبل جودي؟
يتحقَّقُ حلمي فجأةً
عبرَ مفازاتِ شهوةِ الشِّعرِ
صديقةٌ مِنْ لونِ الحنينِ
تسطعُ بينَ بياضِ الغمامِ
تعبرُ معالمَ ليلي

تكويرةُ نهديها
تشبهُ مناراتِ قنديلِ البحرِ
دخلَتْ خلسةً عوالمي
     في صباحٍ باكرٍ

كَمْ أشتهي أنْ أعشقَكِ 
     فوقَ مرتفعاتِ جبل جودي

سيراني يا صديقي عُمَّالُ الجِّبالِ
سيزلزلونَ تجلِّياتِ عرشِ القصيدة

أنقشُ قبلةً
     على ابتهالِ الرُّوحِ
وأخرى على وهادِ القلبِ
وثالثةً فوقَ أحلامِ عاشقةٍ مذهولةٍ
بسطوعِ موشورِ وميضِ النَّيازِكِ

هَلْ ثمَّةَ عاشقة
تفهمُ عشقي المخمَّرِ
     بتواشيحَ شهوةِ الشَّمسِ؟

أتمنّى أنْ أحقِّقَ لكِ عشقاً
منقوشاً على ضفائرِ اللَّيلِ
أنتِ جمرةُ عشقٍ 
     في خبايا الرُّوحِ
تعبرينَ وشائجَ حنيني
كلَّما يغفو اللَّيلُ
     على أسرارِ الجِّبالِ

أنا وأنتِ واللَّيلُ وصوتُ فيروز
يتهادى حولنا الفرحُ
منساباً بينَ نبيذٍ مسكَّرٍ
يغمرُنَا عناقٌ مفتوحٌ
     على معابرِ حفيفِ الوصالِ

أنتِ وأنا موجتا غيمةٍ هاطلةٍ
     فوقَ رعشةِ الرُّوحِ
تغيبينَ عَنْ نواقيسَ الحنينِ
متواريةً بينَ زخَّاتِ المطرِ

أراكِ غافيةً
     بينَ غاباتِ الحلمِ ليلَ نهار
تتواصلينَ معي
كما يتواصلُ النَّسيمُ
     مَعَ حبقِ الزُّهورِ

تعالي وافرشي فوقَ غيمتي
أنغامَ الدُّفءِ
لعلَّكِ تخفِّفي
     مِنْ لظى الانتظارِ

هَلْ غفيتِ يوماً
     على صدرِ شاعرٍ عاشقٍ
مفتونٍ بتجلِّياتِ شهوةِ البحرِ؟

أنتِ بحري المتراقص
     فوقَ موجاتِ القصائدِ
لا تتردَّدي 
أنْ تقتحمي عوالمي
     في ليلةٍ مزدانةٍ بالسَّنابلِ

هَلْ ترغبينَ أنْ  تهدهديني
كلَّما تثورُ رياحُ الاشتياقِ؟
أنتِ عاشقة مخضّبة بالعشقِ
لكنَّكِ تائهةٌ
     في تلافيفَ غربةٍ
          من وهجِ النَّارِ

هَطَلْتِ مثلَ قبلةٍ
     فوقَ أجراسِ حرفي
فاهتاجَ قلبي شوقاً
     إلى عذوبةِ أنثى
          مِنْ لونِ الجِّبالِ  

هل تحنّينَ مثلي
لقضاءِ حلمٍ فسيحٍ
     فوقَ هاماتِ جبالٍ
محفوفة بأسرارِ بوحِ المزاميرِ؟

معبّقةٌ أنتِ بالنَّارنجِ
تطيرينَ فوقَ بسالةِ الحرفِ
كأنَّكِ غيمةٌ مكسوَّةٌ 
     بألقِ الشَّبقِ

تهطلينَ بعذوبةٍ راعشةٍ
     مِنْ ثغرِ السَّماءِ
تنمو في ظلالِ الحلمِ بتلاتُ شعرٍ
مُستنبتٍ مِنْ حنينِ عينيكِ
حنينُكِ المندّى بوداعةِ المروجِ
يباركُ مخاضَ القصيدة!

هائمةٌ في أوجاعِ الشِّعرِ
     في هبوبِ نسائمِ الحرفِ
ترنو إلى طلٍّ شفيفٍ 
يحجبُ ثغرَ السَّماءِ
كأنّها حنينُ وردةٍ
     إلى وجنةِ الشَّمسِ

تمنحني القصيدةُ ألقَ البقاءِ
مهجةَ الدُّفءِ عندَ المساءِ
مطحونٌ بينَ حبقِ الحرفِ
     وشهوةِ اللَّونِ
معجونٌ في تخومِ الحنينِ
     إلى أزاهيرَ الصَّباحِ

تزهرُ عيناكِ كلَّما ينامُ اللَّيلُ
تغفو على خريرِ الذَّاكرةِ الحافلةِ
     بنضارةِ الأقاحي

أنثى مِنْ خصوبةِ الشَّوقِ
شوقُنا يتنامى 
     إلى ظلالِ القمرِ
     إلى بوحِ الشِّعرِ  

ترتسمُ فوقَ مقلتيكِ
أنينُ الرَّحيلِ
     في دنيا مِنْ بكاءٍ

تبكينَ كلّّما ترسمي ضفائرَ المطرِ
كلّما تنامي بينَ أوراقِ الشَّجرِ

تحلمينَ باغفاءةٍ لذيذةٍ
     فوقَ زهوةِ العمرِ

عمرنُا مكحَّلٌ بأسئلةٍ
     مِنْ وهجِ الغمامِ

تشبهينَ غمامةً حالمةً
     في ضياءِ الهلالِ

هَلْ زارَكِ عنفوانُ عشقٍ
     مِنْ عبيقِ الشَّرقِ
وأنتِ في مرتقى الأحلامِ؟
تهطلُ مِنْ مآقيكِ حفيفُ القصائدِ
كاطلالةِ فجرٍ موشّحٍ
     بأريجِ القرنفلِ

هَلْ يذكِّركِ أريجُ العشقِ
     بصباحاتِ الشَّرقِ  
قبلَ أنْ تعبري أزقَّةً
     مِنْ لونِ الودادِ؟!

طريَّةُ الرُّوحِ أنتِ
مِنْ حفاوةِ الماءِ
مِنْ طراوةِ النَّفَلِ البرِّي!

تعالي يا برِّيتي
المعفّرة بالغربةِ 
     وهدهديني

تعالي قبلَ أنْ تشتعلَ 
أجنحةُ الفراشاتِ
     مِنْ وهجِ الشَّمسِ
أنتِ شمسي الوارفة 
     فوقَ جموحِ رمحي

يراودني أحياناً
أنَّ المرأةَ نبتَتْ من وجنةِ الآلهة
     مِنْ نسيمِ السَّماءِ 
     مِنْ بخارِ الماءِ الزُّلالِ
تكويرةُ نهديها 
مضمَّخةٌ بنكهةِ الرّمانِ

أيَّتها الغارقة 
     في بحارِ الحنينِ
تشتعلينَ شوقاً
كلَّما يرتسمُ في ينابيعَ الذَّاكرةِ
رنينُ الطُّفولةِ الغافي في مقلتيكِ

تشبهينَ طفلةً مستنبتةً
     مِنْ رحمِ الغاباتِ
غابةٌ وارفةٌ
     في أسرارِ الرُّوحِ

تعالي نرقصُ 
     على إيقاعِ الهيامِ
نحلِّقُ عالياً
     فوقَ تيجانِ الغمامِ

كلَّما أحنُّ إليكِ
ترقصُ نجيماتُ الصَّباحِ
رقصةَ العبورِ
عبورُنا  في بهجةِ الانتعاشِ

تمايَلَتْ هداهدُ الرُّوحِ
     فوقَ حبورِ المزارِ

هَلْ يهفو قلبُكِ إلى حكايا عاشقٍ
يزدادُ ابتهالاً لهدوءِ اللَّيلِ
يحلمُ أنْ يسبحَ بينَ شواطئِ نهديكِ
زارعاً قبلةً على ثغرِ السَّماءِ

أنتِ سمائي المعرَّشة
     في بؤرةِ الرُّوحِ
أنتِ روحي المسترخية
     على نضارةِ الموجِ

هل تتراقصُ القصيدةُ في كينونتِكِ
أثناءَ تجلِّياتِ العبورِ
أعبرُ فيافي الدُّفءِ
أتهاطلُ عشقاً فوقَ هضابِكِ المستنبتة
          بندى الحياةِ
تعالي حالما ينامُ القمرُ
كي نرسمَ بهجةَ العشقِ
     على وجنةِ اللَّيلِ

تعالي يا يمامتي
يا لوناً طافحاً
     بأراجيحَ الطُّفولةِ

تعالي كلّما يفورُ القلبُ
شوقاً إلى لظى العناقِ
لعلَّنا نخفِّفُ قليلاً
     مِنْ أجيجِ الرُّوحِ

كلَّما أحنُّ إليكِ
أرى ديريك 
تزهو كسنبلةٍ شامخةٍ
     فوقَ وجنتيكِ
أتيقَّنُ حينها أنَّ صباحي
سيكونُ مبلسماً بالياسمينِ

كَمْ مِنْ البكاءِ حتى تلألأتْ
خدودَ القصائد
     بدفءِ الوصالِ

تشبهينَ لونَ الفراشاتِ
عناقَ النَّسيمِ لوجنةِ البحرِ
غفوةَ الأغصانِ
     فوقَ أعشابِ الحلمِ

كلَّما أقبِّلُ روحَكِ
الهائمةِ في كينونتي
أطيرُ عالياً
شوقاً إلى حوشِنا العتيقِ

أنا وأنتِ وردتانِ مندلقتانِ
     مِنْ شهوةِ النَّارِ

تركضينَ خلفَ حلمِ الطُّفولةِ
تنثرينَ أريجَكِ
     فوقَ مروجِ الشِّمالِ
حيثُ فرحُ القلبِ
يحنُّ إلى الارتماءِ 
     في روابي الأماني

غربتُنا منقوشةٌ
     على مآقي القمرِ
     على أسرارِ البحارِ 
أنتِ حنينُ وردةٍ معطَّرة
     بندى الصَّباحِ
تشبهينَ صباحي المتهاطلِ
     مثلَ بياضِ الثَّلجِ

هل قرأتِ شعراً طازجاً
ينبعُ مِنْ وهجِ الرُّوحِ
مُبلْسِماً جراحَ القلبِ
     قبلَ أنْ يهبطَ اللَّيلُ
ململماً أوجاعَ غربةِ الإنسانِ؟!

يداك المحفوفتَين بمذاقِ السَّخاءِ
تحنُّ إلى براري القصيدةِ

هل يراودُكِ
كيفَ تسمو تجلِّياتُ العناقِ
كيفَ أرسمُ شهقتي
     فوقَ براعمِ النَّهدِ
نهداكِ أكثرَ لذّة مِنْ مذاقِ الشَّهدِ
أطيرُ فرحاً كلَّما أعبرُ
     تلالَ المزارِ
أنتِ أجملُ مزارٍ 
يشفي أورامَ الجراحِ
أكتبُ مزاميرَ فرحي
     مِنْ وحي بوحِ الودادِ  
ودادُكِ غابةُ عشقٍ
     في عرشِ السَّماءِ
أنتِ بوَّابةُ عرشي 
     إلى ينابيعَ الهناءِ

تنضحُ خدَّاكِ أزاهيرَ نورٍ
تضئُ قلبي
تعالي نرسمُ عشقَنا
     بينَ هلالاتِ الضّياءِ

انتعاشُ القلبِ يمنحُ روحي
طاقةً عشقيةً
كأنَّها منبعثةٌ مِنْ عنفوانِ البحرِ

هَلْ كنتِ يوماً 
نزيفاً متدفِّقاً
     مِنْ رحمِ القصائدِ

هَلْ كنتِ يوماً قصيدةً مبرعمةً
     مِنْ شهقةِ العشقِ؟

تعالي أرسمُ على جبينِكِ
     منارةَ الفرحِ الآتي
لعلَّني أخفِّفُ
     مِنْ وجعِ الانتظارِ

عندما تزورُني صديقةٌ
     مِنْ نكهةِ التِّينِ
أطيرُ عالياً
كي أعانقَ شموخَ الصَّباحِ
كي أوشِّحَ  بريقَ عينيها
     بندى الأقاحي

عندما تهمسينَ لدقَّاتِ القلبِ
أوجاعَ الحنينِ
أتلملمُ فوقَ وهادِكِ المهفهفة
     بطراوةِ الدُّفءِ
أرسمُ فوقها بانتعاشٍ لذيذٍ
     شهوةَ القصيدةِ
يا قصيدةً معلَّقةً
     بلآلئِ البحرِ  
يا موجةَ اهتياجٍ
     في برزخِ الرُّوحِ

خدَّاكِ طافحانِ
    في بحبحوحةِ العناقِ 
عيناكِ موجتا دفءٍ
تروي عطشَ الحنينِ
     إلى طقوسِ اللِّقاءِ

منسابةٌ أنتِ كأمواجِ البحرِ
رضابُكِ أبهى مِنْ حبقِ الوردِ
يرقصُ قلبُكَ شوقاً
     إلى مناسِكِ ليلي

تعالي عندما ينامُ القمرُ
عندما يعبرُ اللَّيلُ 
     أسرارَ الغمامِ
عندما تحلِّقُ النَّوارسُ
     فوقَ أغصانِ الشَّوقِ  
عندما تناجي الرُّوحُ 
     هديلَ اليمامِ

تعالي أتوِّجُ عشقَكِ بينَ حنايا ليلي   
ليلُكِ يشبهُ ليلي
بوحٌ على امتدادِ الضّياءِ

تعالَي نغنِّي أنشودةً منبعثةً
     مِنْ جراحِ المسافاتِ
تعالَي لا تخشَي هديرَ البحرِ
فهوَ صديقُ الدُّفءِ
صديقُ الشُّعراءِ

أنتِ ملاذي مِنْ أجيجِ هذا الزَّمان
تهمسينَ لروحي همسةَ فرحٍ
حنانُ قلبِكَ دافئٌ 
     إلى حدِّ الانبهارِ

أهتاجُ فرحاً
يا صديقةَ عشقي وأوجاعي
تفوحُ مِنْ مقلتيكِ نكهةُ الشِّعرِ
أنتِ نكهتي الطَّافحة
     فوقَ تخومِ الرُّوحِ

تنضحينَ ألقاً مكتنفاً
     في عذوبةِ البوحِ
حلمُكِ يناغي شموخَ السَّنابلِ
أنتِ غمامةُ ألقٍ
     فوقَ خدودِ القصائد!

أنثى مِنْ هلالةِ الشِّعرِ أنتِ
جمرةُ شوقي إلى نعيمِ السَّماءِ
تفورين كبراكينِ الشَّوقِ
     إلى وهجِ الشَّرقِ  

تعالي يا شرقيَّتي
وانثري فوقَ حبري 
     إغفاءةَ الدُّفءِ

أحبُّكِ قبلَ أنْ تأتي إلى الحياةِ
وبعدَ أنْ عبرْتِ بوَّابةَ الحياةِ

أحبُّك وكأنّكِ بدايةُ البداياتِ
أحبُّكِ وكأنَّنا الشَّهقةُ الأولى

الحياةُ أنثى مِنْ نكهةِ وردةٍ غافيةٍ
     فوقَ طلاسمِ الحرفِ
فهَلْ تريدينَ أنْ تنامي
     فوقَ مزاميرَ حرفي

كَمْ مِنَ الدُّفءِ حتَّى تلألأ بوحي
     فوقَ وجنةٍ مشرئبةٍ
           بالعسلِ البرّي
هذا مدخلُ عشقٍ
     مِنْ نكهةِ الحنينِ
إلى وردةِ الصَّباحِ
إلى وردتي الهائمة
     في سماءِ الغربةِ 
دافئةٌ بوهجِ الشِّعرِ
مزدانةٌ بدفءِ الشَّرقِ

تتماهينَ مَعَ خصوبةِ الشِّعرِ
مَعَ بهجةِ الشَّوقِ
     إلى صفاءِ العناقِ 
لديَّ شهيّةٌ مفتوحةٌ
     على واحاتِ الشِّعرِ
كوني جمرتي الهائجة
     فوقَ شهيقِ القصائدِ

تعالي أرسمُ حرفي
     فوقَ روابي عينيكِ
أكتبُ لكِ شعراً
     على اِيقاعِ الأغاني
شعراً مُشَعْشَعاً بالأماني

يا وردةً غافيةً فوقَ أغصانِ الحنينِ
تعالي أرسُمكِ موجةً
     فوقَ شطآنِ قلبي

تستقبلُ الوردةُ نسائمَ الصَّباحِ
تغفو على دمدماتِ الطُّبولِ
ترقصُ على إيقاعِ اللَّيلِ
     رقصةَ المطرِ

غمائمُ الحنينِ
تسقي عطشَ القصائدِ
تملأُ ظلالَها مروجَ الوداعةِ

نامَتِ الوردةُ
مسترخيةً بينَ جفونِ النَّهارِ
نامَتْ بعيداً عَنْ مخالبِ الغدرِ
دماءُ الشَّمسِ تناثَرَتْ
     فوقَ بهاءِ الورودِ

ضحكَ طفلٌ في أعماقِ الغابةِ
مروجٌ على مدى الرُّوحِ
تتنامى فيها بشائرُ الخلاصِ
خلاصُ الوردةِ مِنْ غضبِ الرِّيحِ
فتحَتِ الوردةُ عذوبتَها
لخدودِ الأطفالِ
لدموعِ عاشقةٍ
     مِنْ نكهةِ البحرِ

هطلَ حلمٌ
     على مدى الأوقيانوسِ
حلمٌ مِنْ بوحِ النَّارنجِ
هطلَ فوقَ هاماتِ المروجِ
راسماً بسمةَ الشَّمسِ
     فوقَ شفاهِ القمرِ

اختالتِ الوردةُ شموخاً
     مِنْ وهجِ الانتشاءِ

فرحٌ 
     في ضفافِ القلبِ ينمو
قصيدةٌ 
     مِنْ حبرِ الغمامِ تزهو

وحدُهَا الوردةُ
ترسمُ حنينَ الأرضِ
     لاشراقةِ الشَّمسِ
وردةٌ مِنْ نضارةِ العصافيرِ
     مِنْ نغمِ المزاميرِ

وردةٌ مِنْ عطشِ الحنينِ
     إلى جفونِ الأزاهيرِ

وردةٌ معرِّشة
     في ضفائرِ الرَّحيلِ

وردةٌ على شاكلةِ العناقِ
ترسو فوقَ أمواجِ الهديرِ

وردةٌ متماهيةٌ
     مَعَ بوحِ الشِّعرِ
تنمو في خفايا الحرفِ

وردةٌ مزدانة فوقَ منارةِ الرُّوحِ
مكحَّلة بأغصانِ المحبّةِ
مبرعمة في شهيقِ الشُّعراءِ
متلألئة في ظلالِ القلبِ
كأنّها مذاقُ الحرفِ
     في رحابِ الحياةِ

نهضَتِ الوردةُ مِنْ سباتِها
تستعيدُ فيافي الحلمِ
حلمٌ موشَّحٌ على قيثارةِ الرُّوحِ
حلمٌ على مدى البوحِ
حلمٌ ممهورٌ بأراجيحَ الفرحِ
حلمٌ مِنْ لونِ النَّدى
     مِنْ حفاوةِ التجلّي
     مِنْ نضوحِ أسرارِ الغمامِ

وردةٌ في مرافئِ القصيدةِ تنمو
تتهادى فوقَ تخومِ الرَّحيلِ

وردةٌ مِنْ عبقِ البحرِ
     مِنْ بوحِ اللَّيلِ
تحنُّ إلى حبرِ القصيدةِ
تحنُّ إلى انبعاثِ الشِّعرِ
     مِنْ رضابِ الخميلِ

تهطلينَ فوقَ بيادرِ عشقي
فيزهرُ قلبي
شوقاً 
     إلى انتعاشِ العناقِ

كِمْ مِنَ البوحِ
حتى زقزقَتْ منارةُ الرُّوحِ
     أنشودةَ العبورِ
كَمْ مِنَ الحنينِ
حتَّى تبرعمَتْ بينَ أجنحتي
     جفونَ السَّنابل  

تشبهينَ وجعي الغافي
     بينَ مهجةِ العناقِ

يا صديقةَ البرِّ والبحرِ والسَّماءِ
تتلألأ قامتُك فوقَ تخومِ غربتي
فتولدُ القصيدةُ مِنْ عذوبةِ العناقِ

عناقُك يشبهُ حفيفَ الورودِ
     في طورِ الانبلاجِ
يشبهُ ينبوعَ قصيدةٍ هاطلةٍ
     مِنْ بيادرِ السَّماءِ

هَلْ تنامينَ بينَ رحيقِ الياسمينِ
     بينَ أسرارِ الأزاهيرِ
حيثُ أوجاعُ اللَّيلِ
تغفو على هديلِ الرَّوضِ
يبكي قلبُكِ مِنْ لظى غربةِ الرُّوحِ
روحُك تائهةٌ في خضمِّ الأريجِ

تعالَي نرسمُ القصائدَ
     فوقَ خميلةِ الرُّوحِ
     فوقَ نسيمِ الغاباتِ
     فوقَ جمرةِ الشَّوقِ  
     فوقَ أماسي الوفاءِ

هَلْ راودَكِ يوماً 
أنْ تعبري البحرَ
حيثُ وميضُ القصيدةِ
يسطعُ عندَ حافَّاتِ المدائنِ
     فوقَ شراعِ الحياةِ

أحبُّكِ أكثرَ مِنْ لواعجِ حبري
أكثرَ مِنْ رقصةِ التجلِّي
أكثرَ مِنْ فوزِ الزُّهورِ
     على عناقِ النَّسيمِ

تشبهينَ نسائمَ ليلي
وجنةَ وردةٍ 
     في مهبِّ الدُّفءِ
تعالي نرسمُ أبهى الأغاني
     فوقَ ثغرِ السَّماءِ
تعالي أهديكِ
مهاميزَ شهقةِ الرُّوحِ
قبلَ أنْ أدلقَهَا
     فوقَ تجلِّياتِ العناقِ
عناقُكِ أبهى مِنْ لونِ الغسقِ
     في أوجِ انبلاجِ التَّلاقي

هل تحلمينَ أنْ تغفي
     بينَ براري القصيدةِ
قبلَ أنْ تعتلجَ شوقاً
     إلى مراسيمَ الابتهالِ؟ 
ابتهالُ القلبِ 
     لعوسجِ الرُّوحِ

لماذا قلبكِ يبكي
كلَّما يبتسمُ الَّليلُ
     لشهوةِ البحرِ؟

أنتِ بحري الهادر
أكثرَ مِنْ غربتي
يا صديقةَ لوني وكوني
دائماً أراكِ في حالةِ وجْدٍ
كأنَّكِ مستنبتةٌ مِنْ رحيقِ الغاباتِ

نهداكِ موجتا عشقٍ
     فوقَ تخومِ البهاءِ

تعالي كحّلي خدّي بقبلةٍ
     مِنْ نكهةِ العشبِ

تعالي نتوهُ بينَ خفايا اللَّيلِ
نعبرُ جهاتِ الموجِ
نرسمُ عناقاتنا فوقَ تخومِ السَّماءِ

قبلتُكِ لها مذاقُ العطرِ
قبلةٌ متماهية معَ رقصةِ الثَّلجِ
قبلةٌ مِنْ نقاوةِ زخّاتِ المطرِ

أنتِ مطري المكتنز بحنينِ الأرضِ
مروجُ غربتي  مفتوحةٌ
     على أحلامِ نهديكِ
حلمٌ غارقٌ في أسرارِ اللَّيلِ
غارقٌ في جذوةِ الاشتعالِ
حلمٌ يبدِّدُ ضجرَ المسافاتِ
يغارُ القمرُ مِنْ وميضِ شوقي
ويهتفُ قلبي 
كلَّما يرقصُ قلبُك
     مِنْ جمرةِ الشَّوقِ

أنا وأنتِ بحيرتانِ مسترخيتانِ
     فوقَ مصاطبِ الشِّعرِ
فكوني منبعُ حرفي 
    على مدى عشقي
         إلى أبدِ الدَّهرِ

نشبهُ نسيمَ بحرٍ
يسطعُ ألقاً
     مِنْ زهوةِ العشقِ
تعالي أرسمُكِ
هدهداً محلِّقاً
     فوقَ بخورِ القصائد

هَلْ تحبِّينَ عناقي
قبلَ هطولِ الثَّلجِ
وبعدَ هطولِ الثَّلجِ
وبعدَ هطولِ العشقِ؟

تشبهينَ قصيدةً هائمةً
     فوقَ أسرارِ المدائنِ
مسترخيةً على كنوزِ عاشقٍ
يضيءُ حرفَهُ 
     مِنْ يَراعِ الغمامِ

تتلألأُ براعمُ مآقيكِ فرحاً
     في منارةِ الرُّوحِ

عندما قبَّلتكِ
رفرفَ قلبي 
     فوقَ تيجانِ السَّماءِ
غمرتني موجةُ انتعاشٍ
     مِنْ دفءِ البهاءِ

كلَّما أعانِقُكِ
تنمو في مروجي 
أزاهيرُ حبٍّ
تنمو بينَ أجنحتي 
مهجةُ الانعتاقِ
انعتاقنا مِنْ قيودِ الحياةِ
     مِنْ طلاسمِ اللَّيلِ والنَّهارِ

تحنُّ الغيومُ
     إلى ثغرِ الأرضِ
     إلى عطشِ الجِّبالِ  
     إلى أسرارِ الغاباتِ
     إلى عاشقةٍ 
تزدادُ حناناً إلى مآقي الهيامِ

عناقُ القصيدةِ
يلامسُ أسرارَ البحرِ
يفهرسُ مهجةَ الشَّوقِ
يهدهدُ ألعابَ الطُّفولةِ
يشبهُ حنينَ الأرضِ 
     لبياضِ الثَّلجِ!

أرسمُ فوقَ صدرِكِ عطشَ القصيدةِ
     إلى ماءِ الدِّنانِ
لونُ عينيكِ مِنْ لونِ وهجِ الصَّباحِ
     مِنْ لونِ البابونج
     مِنْ لونِ الخبزِ المقمَّرِ
     مِنْ لونِ الفرحِ المتطايرِ
     مِنْ نقاوةِ بسمةِ المطرِ
هل يراودُك عناقَ البحرِ
في ليلةٍ طافحةٍ بالانتعاشِ؟!
عناقُك باقاتُ وردٍ 
     على ثغورِ الأرضِ
تعبرينَ معارجَ الرُّوحِ
كلَّما يغفو اللَّيلُ
     على بوحِ القصيدةِ

تعالي يا وردةَ الرُّوحِ
انثرُكِ فوقَ أراجيحَ عشقي
قبلَ أنْ يغفو العمرَ
     على تاجِ النّسيانِ

تعالي أرصِّعُ نهديكِ
     باخضرارِ الحنطةِ
أزنِّرُ خاصرتَك بكنوزِ البحرِ

دموعُك ملوحةُ خبزي
     في بوحِ القصائد
أنتِ جنَّتي المنشودة
برعمٌ منسابٌ مِنْ وجنةِ القمرِ
قبلتُكِ بوَّابةُ العبورِ
     إلى أسوارِ القدرِ
عناقُكِ أبهى مِنْ تجلِّياتِ
     أنغامِ الوترِ!
ترسو سفينتُك
حولَ مزارِ عشقي
تهفو روحُك 
     إلى بيادرِ روضي
روحُك الهائمة في حلمي 
     وجعي البعيدِ القريبِ

تعالي قبلَ أنْ تنامَ 
     عصافيرُ الجنّة
قبلَ أنْ تغفو 
     بينَ أهدابِ اللَّيلِ

عندما تنامي سيزورُك حرفي 
     على جناحِ غيمةٍ
سيرتعشُ محيَّاكِ المبلَّلِ
     بانتعاشِ القلبِ

تعبرينَ فيافي الحلمِ
أقبِّلُ نهديكِ
المخضَّبينِ بنكهةِ التفَّاحِ
أعانقُ روحَكِ
أرسمُ على خدِّكِ قبلةَ الخلاصِ
أموجُ فوقَ دقَّاتِ القلبِ
تنتظرُني كرزتان معبَّقتان
     بحنينِ اللَّيلِ

هَلْ قبَّلْتِ روحي
عندما كنتُ تائهاً
     بينَ جفونِ اللَّيلِ؟

أكتبُ على أجنحةِ اليمامِ 
قصيدةً مِنْ لونِ عينيكِ
لِمَ لا أغفو فوقَ مقلتيكِ
زهرةً مبرعمةً بأريجِ النّعناعِ؟

تعالي يا ملاذي المحصَّن
     بحبقِ النَّارنجِ  
اعبري بحاري وسهولي واغفَي
     فوقَ جفونِ القصائد
تعالي أزرعُك عشقاً معرّشاً
     فوقَ أمواجِ ليلي

تعبرينَ قلبي مثلَ نسيمِ الصَّباحِ
تهمسينَ لروحي همسةَ عشقٍ
منبعثةً مِنْ كُنهِ السَّماءِ
أنا قدرُكِ الموشوم
     على جبينِ القصيدةِ
أنتِ قصيدتي المبلَّلة
     بشهوةِ المطرِ

يزهرُ قلبُكِ كلَّما أرسمُ اسمَك
     فوقَ بتلاتِ الأقحوانِ
عندما ألتقيكِ
سأدلقُ فوقَ  نهديكِ
     حبورَ اشتياقي
أنتِ بحري المسترخي
     فوقَ وميضِ الشِّعرِ
غصناكِ العاجيان سفينتا خلاصي
     مِنْ زمهريرِ اللَّيالي

تشبهينَ نضارةَ غربتي
     مِنْ لونِ حرفي وبوحي
تطلِّينَ على قلبي
     مثلَ إطلالةِ الشَّفقِ
سأنجبُ منكِ يوماً قصيدةً
تهفو إلى رذاذِ الماءِ
قصيدةً مهتاجةً بأشواقِ البحرِ
ملوَّنةً بانغامِ الغدِ الآتي
أنتِ غدٌ طافحٌ  
     فوقَ ضياءِ المجرَّاتِ
غدٌ مزدانٌ بكنوزِ الشِّعرِ
يا قصيدتي المنسابة 
     في شِغافِ الرُّوحِ

كيفَ تحمَّلتُ أنينَ الفراقِ
هَلْ عانَقَكِ يوماً نصَّاً بكراً
     مِنْ هذا المذاقِ؟

يا صديقةَ القصائدِ
يا بؤرةَ الرُّوحِ
قبلَ أنْ تعتلي 
     محرابَ التجلِّي
لماذا لا تعبرينَ شهقتي
قبلَ إندلاعِ القصيدةِ
     فوقَ أغصانِ الأماني؟

كلَّما ألتقيكِ
سأزرعُ فوقَ مقلتيكِ
تواشيحَ دفءَ العناقِ
وردةً فوقَ نهديكِ الغارقين
     في حنايا الانتشاءِ
نهداكِ محارتا فرحٍ
     مِنْ لونِ الصَّفاءِ
غصنانِ مخضَّبانِ 
     ببوحِ الأغاني
شموخٌ مِنْ لونِ الولاءِ
ولاءُ القصيدةِ 
لتجلِّياتِ انتعاشِ العشقِ

يتناثرُ شِعري 
     فوقَ ضفافِ قلبكِ
     على إيقاعِ غفوةِ النَّهدينِ

تلملمينَ غربتي
تفرشينها 
     فوقَ طراوةِ الهضابِ
هضابُكِ أنعشُ 
     مِنْ مروجِ شعري
تبلسمُ خدودَ الرُّوحِ
تزرعُ في فيافي الحلمِ
     أزاهيرَ العناقِ



تشمخُ قامتكِ أمامي
     كأمواجِ البحرِ
ترقصُ الرُّوحُ جذلى
     مِنْ وهجِ البوحِ  

ترغبينَ أنْ أنتشلَكِ
     مِنْ وجعِ السِّنينِ
أحملُك فوقَ ربوةِ عشقي
نرقصُ مثلَ نجيماتِ الصَّباحِ
تندلقُ نهداكِ فوقَ خيوطِ الحنينِ
فأرقصُ فرحاً
حتَّى انبلاجِ بخورِ القصائدِ

أحملُ قلبَكِ فوقَ قلبي
عابراً هديرَ البحرِ
راسماً فوقَ ثغرِ الرُّوحِ
تفاصيلَ نعيمِ الهناءِ

تموجينَ فرحاً فوقَ ربوةِ القلبِ
أرسمُكِ وردةً هائجةً
     فوقَ كيانِ البحرِ
أنتِ بحري المكتنزِ
     بيراعِ العشقِ  
رغبتي مفتوحةٌ 
     لعناقِ أطفالِ الكونِ
     لعناقِ وجنةِ الرَّوضِ
     لعناقِ بساتينِ الدُّفءِ

هل تتوقينَ إلى عناقٍ عميقٍ
     من لونِ اهتياجِ البحرِ
أم تفضِّلينَ انتعاشاً راعشاً
يسمو عالياً 
     بينَ بتلَّاتِ السَّماءِ؟!
نهاية الجِّزء التَّاسع!
يتبع الجّزء العاشر والأخير من المجلَّد الأوَّل!   

، 20122007ستوكهولم: 

* أنشودة الحياة ـ الجِّزء التَّاسع: نصّ مفتوح، قصيدة شعريّة ذات نَفَس ملحمي، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء (مائة صفحة) بمثابة ديوان مستقل، ومرتبط مع الأجزاء اللاحقة.      
أنجزتُ المجلِّد الأوَّل، (عشرة أجزاء). يتناول النَّص قضايا إنسانيِّة وحياتيّة عديدة، مركِّزاً على علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، مع الطَّبيعة، مع الكائنات، مع الأرضِ والسَّماء كمحور لبناء هذا النَّصّ ـ الأنشودة المرفرفة فوقَ وجنةِ الحياة. 
استلهمتُ فضاءات هذا الجِّزء من وحي عوالم الطَّبيعة بكلِّ حبقها وأزاهيرها وطيورها وكائناتها، من وحي الأرض والبحار، من وحي الفرحِ وشهقةِ العشقِ وزرقةِ السَّماءِ، وقد حمل عنواناً فرعيَّاً: 

رحلة في بهاءِ المروج
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads