الرئيسية » , , , , » رضا أحمد : كل ما أحلم به تجاه قصيدة النثر أن أكون أحد أبنائها المخلصين

رضا أحمد : كل ما أحلم به تجاه قصيدة النثر أن أكون أحد أبنائها المخلصين

Written By Gpp on الثلاثاء، 13 فبراير 2018 | فبراير 13, 2018




رضا أحمد : الفوارق الشكلية الظاهرة بين الأشكال الشعرية لا تعني تخليها عن جماليات 

شكل القصيدة  

رضا أحمد : كل ما أحلم به تجاه قصيدة النثر أن أكون أحد أبنائها المخلصين

رضا أحمد : قصيدة النثر فرضت نفسها بقوة وإنكار البعض وجود الشيء لا ينفي تأثيره 

رضا أحمد : الإبداع هو أن تعيش لحظتك البسيطة حتى وإن جالت في شرودها الجهنمي 


استطاعت قصيدة النثر أن تثبت وجودها ، وتفسح لنفسها مكانًا وسط الأجناس الأدبية 

المتعددة بفضل وجود عدة أسماء تكتبها وفق شروطها ومعاييرها التي حددتها سوزان 

برنار في كتابها ( قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا ) وهي الإيجاز و التوهج و المجانية 

 هذه النصوص الإنسانية التي تركز على استبطان خفايا النفس البشرية ، وتسلط كادرها 

على أزمة الإنسان المعاصر في ظل مادية الحياة ، وشعور الإنسان باللاجدوى 

والاغتراب ، بلغتها التي تقترب من لغة الحياة اليومية . ولا شك أن فهم المبدع لأسس 

فنه وطرائق التعبير عن هذا الفن هو الذي يعينه على إنتاج نص فارق لا يشبه إلا نفسه .

رضا أحمد .. شاعرة استطاعت أن تلفت الأنظار إليها بقوة منذ نشر نصوصها الأولى 

في الصحف والدوريات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وقبل أن يطبع لها ديوان 

يجمع هذه النصوص ، لأنها تعي ماهية قصيدة النثر ، وتجتهد في كتابة نص شعري 

مختلف لا يشبه أحدًا سواها .

في ديوانها الأول(لهم ما ليس لآذار) تبني رضا أحمد معمار نصها على أسس جمالية و 

فكرية عدة ، منها الفلسفة وعلم الجمال والتصوير والنحت وتوظف كل هذه الفنون 

لإنتاج نص ذي أبعاد مجازية ، في لغته وصوره وتشكيله الفني وخياله الرؤيوي ، 

التقيناها عقب فوزها بجائزة الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر وكان لنا معها هذا الحوار :

 بداية نود أن نعرِّف القارئ بالشاعرة رضا أحمد؟ 

رضا أحمد، شاعرة مصرية مواليد القاهرة، خريجة كلية خدمة اجتماعية جامعة حلوان 

صدر لي ديوان "لهم ما ليس لآذار" عن دار نبض للنشر والتوزيع 2016، وديواني 

الثاني "قبلات مستعارة" تحت الطبع وقصائد متفرقة في الدوريات الأدبية العربية 

والعالمية. 


- لديكِ قدرة هائلة على كتابة نصٍّ نثري محمل بالمجاز الشعري، والتوصيف المتَّزن لِما 

يعتري النفس البشرية من صراعات مع الحياة والموت والاغتراب، كيف استطعتِ 

الوصول بِنَصِّكِ إلى تلك المنطقة؟ 

الكتابة الشعرية لا تكون بالنوايا أو التدافع العاطفي أو رصد الواقع والتعامل مع الشكل 

المجسم المصمت له بل على الشاعر التفاعل والصراع باعتبار الذات الشاعرة جزء من 

العالم وفي صراع ديالتيكي مع الموجودات أما الرصد وإلقاء الضوء فقد تجاوزه الشعر 

حتي ما هو تاريخاني فيتم الاشتباك معه لإبراز الهوية الخلافية، حاولت في كتاباتي رسم 

مشهد ٍمجازيٍ رمزيٍ أحاور فيه التاريخ والحاضر والصوت والأسطورة، ثم أصنع 

بانوراما كاملة بمشاهد متنوعة للواقع المعيش. وكل هذا لم يحدث بشكل فجائي بل كان 

على مراحل أكرس لها ثقافة موسوعية متزنة وقراءات تراكمية تنمي وعيي وتشحذ 

أدواتي وتجعلي قادرة على الاشتباك مع نفسي أولاً ثم العالم ، أشعر أحيانًا أنني شاهدت 

ما يكفي من الحياة لأتحدث عنها فأنا لا أترك ما عرفته خلفي حتى لا يفقد صوابه 

ويطاردني بل أضعه بحرص شديد في نص يشعره أنه في ملاذه ويجعلني أتخلص منه 

بطريقة آمنة، وأشتبك مع الموت كإجراء وقائي لا يلزمني فليس عليَّ أن أعبر خط 

النهاية لأرى ما حدث فالجثث الباهتة مهما تحمل من عفونة فهي علامات توضح لنا أين 

اتجه بنا الزمن وضراوة أن يكون هذا الواقع مدفون بدلالته القاسية كأني أقول له لم أعد 

أريد لهذا النوم الطويل أن ينتصر أبدًا وأتحايل على الاغتراب بصنع عالم مواز أتمكن 

فيه من رؤية الأشياء في مكانها الصحيح وإن بدت للقارئ تغريبًا لمسلماته ومعاييره 

وفي بعض الأحيان أضع رقبتي تحت المقصلة ليقر القارئ بي ويقول لنفسه لست قلقًا 

على هذه المجنونة، هي تفعل هذا دائمًا وتعود إلينا بروح أخرى في نص جديد في 

العطلات الأسبوعية ، وكان هذا ما منحته لي قصيدة النثر فهي تعبير شعري يعتمد على 

الإيقاع النفسي والحياة فيها ديناميكية ليست لوحة نكتفي بتأملها، كان علي أن أقول "أنا 

كنت هنا، أنا رأيت؛ يجب أن أخبركم بعض الأشياء"، إذ لا يوجد نص نثري أكثر مما 

تسجله عيوننا في صور مشتتة يجمعها ترابط مادي وتناغم موسيقي داخلي مهما بدت 

مشوهة أو مفزعة أو لئيمة تحمل أكثر من دلالة يسوقها الوعي ويحررها إلى الورق. 



- يعتبر البعضُ قصيدة النثر نوعاً من المغامرة، ومازال المصطلح نفسه يثير جدلاً كبيراً 

على الرغم من بزوغها في سماء الإبداع العربي، فما قولك؟ 


ليس هناك شك أن قصيدة النثر جاءت من خلفية متمرسة على الإبداع ونتيجة تطور 

بنائي وجمالي ورؤيوي ومعرفي في كتابة النص الشعري فهي ليست في قطيعة مطلقة 

مع الأشكال السابقة عليها ولا التراث العربي كما أن الفوارق الشكلية الظاهرة بين 

الأشكال الشعرية لا تعني تخليها عن جماليات شكل القصيدة الممثلة في الصورة والتخيل 

والرمز والرؤية المكثفة وتوهج اللفظة وعمق الرؤيا وشفافيتها، لأن النص الواحد قابل 

لقراءات مختلفة يتضمنها المعنى والانسجام المتناغم داخل النص، لسنا في سباق مع 

الأشكال الشعرية الأخرى لأرى أن أحدهم هو النص الفائز أو النص المقروء، فالقصيدة 

بأنواعها قد تفي جميع الشروط ولكنها لا تبرح مكانها على الورق، لن أقول هذه جيدة أو 

رديئة فلا يوجد في الكتابة مثل هذه التصنيفات ولكن يوجد شاعر وقارئ يحدث بينهما 

تفاعل إذا انقطعت صلة القارئ فإن النص لم يكتب ، ليس لدي مشكلة مع من يقولون هذا 

أو ذاك ولا يعنيني كثيرًا عدوى المصطلحات، كل ما أحلم به تجاه قصيدة النثر أن أكون 

أحد أبنائها المخلصين، والشعر رؤية وطريقة قبل أن يكون شكلًا وتصنيف النصوص 

انطلاقًا من هيئتها الطباعية أساء كثيرًا للتجربة الشعرية العربية الحديثة، قصيدة النثر 

فرضت نفسها بقوة وإنكار البعض وجود الشيء لا ينفي تأثيره رغم تهميشها المؤسسي 

الواضح في الجوائز الأدبية والمؤتمرات والندوات والمهرجانات التي ترعاها الدولة 

ماديًا وتتبنها في مشهدها الثقافي الأمر الذي جعلنا نتجه إلى محاولات أهلية فردية 

مشكورة الجهود لعمل حلقات بحثية ونقدية مع قراءات مختلفة لشعراء يحتفون 

بإبداعاتهم مثل مؤتمر قصيدة النثر الذي يقام دوريًا بمشاركة مبدعين ونقاد وباحثين حول 
قصيدة النثر وباستضافة دولة عربية في سبتمبر من كل عام.



تطرح قصيدة النثر العديد من التساؤلات من خلال التقاطها لتفاصيل الحياة التي تمنحها 

شعريةً دافقة، هذا في ظل حالة من الجمود النقدي الذي لا يواكب تلك السيولة الشعرية، 

فما أسباب ذلك من وجهة نظرك؟ 


حين تثور ضد منطق الأشياء فأنت بالتأكيد في حالة دائمة من الشك والإرتباك مع 

القوانين الجامدة للمواضع الاجتماعية والإنجازات الإنسانية، تحاول أن تنجب فوضاك 

الأكثر انطباطًا مع ما يجول داخل نفسك وتكون أداة تواصل إنساني مع كل ما هو 

هامشي ويومي ومعيش، كأن ترمي بالعالم كله داخل بحيرة راكدة لتطفو بعدها الأشياء 

التي ننكرها في مجالها الصحيح، الإبداع ليس مواجهة ضعفنا الإنساني بأدوات تحيله 

إلى شكل جمالي أو إداة إعاشة فقد تخلي الشاعر منذ زمن بعيد عن دور النبي وإلقاء 

النبوءة، الإبداع هو أن تعيش لحظتك البسيطة حتى وإن جالت في شرودها الجهنمي، 

الشعر ليس توجيه النصح أو استخدام ميكرفون أخلاقي لحجب دواخلنا المريضة أو 

ترشيد السلوك خلال عقد اجتماعي، قصيدة النثر لا تنمو ولا تتطور في محاكاة 

الاضطهاد اللغوي والسلوكي فهي قصيدة القوة والحرية، ذات حركة مباغتة تقتنص أسوأ 

ما نكون عليه وأفضل لحظاتنا التي لا تتطور نحو هدف ما، وليست فيها سيرورة لأفكار 

وأحداث ومواقف، انها حركتنا اللازمنية خلال تفوقنا المخاتل على ميكرسكوب القارئ 

الذي يراقب النص ، النقد في عالمنا العربي يعاني أزماته مع كل الأشكال الإبداعية 

نظرًا لجمود القوالب النقدية والأدوات الجاهزة والرؤى التنظيرية المستنسخة ومع 

قصيدة بهذا التطور حيث لا تترك لحساسية القارئ وذكائه وحدهما، لأن النقد مطالب 

بشحذ أدواته لتأسيس خطاب علمي حول النص يكون كفيلًا بتوحيد الرؤية إليه وحوله 

وكافيًا للقبض على الوحدة في الاختلاف، وحدة الإيقاع والشكل والتجربة في اختلاف 

الممارسة الإبداعية المتدفقة شديدة السرعة في حين أن النقد في عالمنا العربي يكاد لا 

يتحرك من مكانه مثل عجوز يتابع حدثًا مأساويًا فيلخصه في جملة "لقد تألم قلبي لهذا 

أيها الشاعر وسأحمل هذا الألم معي إلى القبر؛ كفنوه جيدًا ليرتاح ويهدأ". 



- ديوانك الأول "لهم ما ليس لآذار" كان له صدىً طيب، وتلقَّاه النقادُ والأدباء بالاحتفاء، 

حدِّثينا عن تلك التجربة؟ 

يمكنني بقناعة أن افتخر بديواني الأول، فالديوان كان خطوة إيجابية وناجحة وانطلاقة 

لمسيرتي نحو قصيدة تخصني، حاولت أن أجعله مشروعًا إنسانيًا احتفى فيه بما يحدث 

خارج آذار شهر الحياة والإنبات، ودعوة للتمتع بالموت والحزن والوحدة والخذلان 

والألم وكل تشوهات الحياة التي نتعايش بها وتدلل على أن مشاعرنا الإنسانية مازلت 

تعي وتتجاذب أطراف الحديث مع العالم، فيه لم انكفئ على ذاتي بل أقمت حوارًا متباينًا 

جماليًا وفلسفيًا وصوفيًا ذات فضاء شعري إنساني متماسك. 



- حصلتِ مؤخراً على جائزة محمد عفيفي مطر، فما تأثير الجوائز على المبدع؟ وما 

ملاحظاتك على الجوائز العربية؟ 

المبدع الحقيقي يخشى ما تجلبه الجوائز من مسئولية ونظرات رقابية تضعه بين قيودها، 

ولكنها على كل حال تمثل بجانب المكافآت المادية حافزًا إيجابيًا للإرتقاء بالإبداع 

وتشجيع المبدعين على الإجادة والابتكار والتميز والاجتهاد في أعمالهم حتى ينالوا 

شرف الحصول على الجائزة حسب قيمتها خاصة إذا نظمها مثقفون لهم مكانتهم في 

الساحة الفكرية ونزاهتهم العلمية، وتولى توزيعها محكمون ينتمون إلى شريحة متميزة 

على الساحة الثقافية والإبداعية، ما يسند لهؤلاء من تشكيل إطار الجائزة وصياغة نظمها 

ولوائحها بقدر كبير من التوازن والشفافية. وهذا ما أخشاه أن معظم الجوائز العربية 

بعيدة عن استقراء الواقع الإبداعي وتغيب عنها دينامكية مواكبة الإبداع وآلية تقييم العمل 

وآلية اختيار الفائز، ومن الممكن أن تكون الأهواء الشخصية عاملًا من عوامل توزيع 

الجوائز، كما أنها أصبحت هدفًا في حد ذاتها، وأصبح المبدع يبدع للمسابقة وليس 

للجمهور، وهذا أدى إلى أن تصبح الملتقيات مهرجانات مسابقات وجوائز أكثر منها 

مسابقات إبداعية للجمهور. 

- ما جديد رضا أحمد في الفترة المقبلة؟ 

دائما ما يشغلني نص جديد، أسعى دائمًا لكتابة قصيدة نثر مصرية تعبر عنا وتحمل 

قضايانا وطموحنا وقدرة الإبداع على إحلال وتجديد خلايا الوقت الفاسدة ومشاعرنا 

التالفة وتعيد إلينا بهاء الشعر وقدرة الكلمة على التغيير.


حوار أجراه : أشرف قاسم 



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads