الرئيسية » » أخْتَرِعُ حكاياتٍ لأدرب بئرا على النسيان | محمد حربي

أخْتَرِعُ حكاياتٍ لأدرب بئرا على النسيان | محمد حربي

Written By Gpp on الاثنين، 6 نوفمبر 2017 | نوفمبر 06, 2017

أخْتَرِعُ حكاياتٍ لأدرب بئرا على النسيان
1
كاذِبون والخَرَائطُ تَكْذِب، فالرياحُ التّي نَحْمِلُها على ظُهورنا كَحِيلَةٍ لِلْهُروب من الأبوابِ المُغْلَقَة
لا تَسْتَطيع رَبْط عُنُقٍ وَحيدٍ للاحْتِفال ولا انْتِعال لُغَة الكلام.مع ذلك نَحْشُرُها في نَفَق صَغير بالقَصيدة،ثمّ نَدْخُل وَحْدنا بَهْوا نُثَرْثِرُ أو نَخْتَرِعُ رِيَاحاً غيْر التي على الباب .
٢
الحكاياتُ التي اخْتَرَعَها أسْلافُنا لِتَهْدِئَتِنا والرّيحُ تُزَمْجِرُ خَلْف أكْواخناً لمْ تَنَمْ منذُ فَتَحْنا الكتاب
الذي نَسيناهُ في غُرْفَةِ الدَّرْسِ لِلْهَرَب مِنْ عَصا المُعَلِّمَة وتنورتها القصيرة ،فاخْتَرَعْنا قصّة جانبيّة عنِ الله والشيْطان لِتَنامَ الحِكايات في الأدْراجِ التي تُسافر في غَمامِنا اليوميّ منذُ عشرين عاما ،ولا تَسْقُط وُرَيْقَةً بُنِّيَّةَ اللوْنِ منْ حِكاياتها مع أن الحقائب مثقوبة دائما
3
اخْتَرَعْنا قِصصاً خُرافِيّة لِنُسْكِتَ جِنَّا يرْقُصُ بأقْدامِهِ المبْتورة،فوْق حوائط هَجَرْناها في حِكاية عن الرّيح
ويسْكُبُ عُيوناً زُجاجيّة في ظهورِ المَقاعد الخَشَبيّة تَحْرُسُ أحْلاما في طوابير الانْتِظار.
وَضَعنْا القصص بالمصْباح الوَحيد كيْ لا يَشْعُرَ الجنّي بِغُرْبَةٍ في النّهرِ القَريب ونحن نلهو بين الحصص
4
الجِنيّات وهُنّ يَتَعَرَّيْنَ اسْتعداداً للهرب من سور المدرسة فَتَحْنَ جداراً فرَّت منه قصص خُرافيّة عنْ أَفَاعٍ تقرأُ السّيَرَ الشعبية تَشفي المَرْضى وتُبْرِئ الأكْمَهَ،وحَمير لا تَحمْل أسفاراتُلْقي حُمولَتَها فوقَ ساقيةٍ مهْجورة
نَسيَها الماءُ وهو يُقاوم زَحْفَ الرّيح فوقَ ظهرِ الموجِ عندَ المَصَبّ والطنابير تغني للظمأ الناري في شقوق
5
الجدارُ الذي فَتَحَتْهُ الجِنّيات لا يُعيدُ شيئاً ممّا سُرِق:قَنانِي الخمْرالرخيص،أو ممّا طارَ كَقِصَصِ الخِضْرِ
فوق الجواد وجنيات البحر وهو يسدد سهما في جدار راية مهمفهة على سنن الطريقة،وما يبقَى تحْتَ سطحِ الجدارِ يَمُوءُ تحت وَقْعِ الخُطَى من رِوايات مُسافرين عن شياطين ومَرَدَةٍ يَرْقُصون فوق مَحَطّات السّفَر"
لسْتُ مُتأكداً بعد من تَآخي الصّوَر عند المحَطّة، وغُرْفة النوم، لكنّي خَبير في مُلاحَقَة أشْباحٍ
خَرَجوا منْ حَبَّةِ البازلّاء الكَوْنِيّة عرايا يفتشون عن نشيد ،ويبدوؤن عَمَلَهم تحت سِيَاطِ الشياطين
المُهاجرين منَ الجنّة إلى الجحيم عقِب كلّ صلاةٍ لإلْهاء الساجدين عن ذكريات الجنة.
6
أخْتَرِعُ صلوات لأمسح الصور المُهَشّمة تحت جباه عابرين وأنْقُش الأمان خاتمة
لِصلاة الرّيح لكي تعود في الصباح محملة بفطور شهي لموتي يرفضون الاقامة على البرزخ طول النهار.
7
أخْتَرِع بَشَرا ،أُشَكِّلُهُم منْ طينٍ ورَمْلٍ على صفْحَة الماءِ فيفر الرمل الى القاع سريعا ويهرب الطمي الى صفصافة قريبة ،وأُجَنِّدُهُ فِرَقاً وطَوائف::
هؤلاء لِرَتْقِ نِعالِ الملائكة يُتْعِبُهم السّيْر حُفاة حول َ الكوْن.وهؤلاء لِشَحْذِ السّهام لِمُواجَهَة أشْباح الجِبال
وجُنود مُخْتَصّون بالكُهُوف،يَرْسُمُون ويَشْطُبون أشْكالاً لِتَسْلِيَةِ مَرَدَةٍ مُقَيَّدين بَعدما اعْتَدوا على جِنِيَّات البَحر
أمّا الذين دَرَّبْتُهُم على فَحْص المياهِ قبل الوُضوء فَنَسُوا الوصايا ، وعَصَوا أمري فمَرَّت الأشباح بين أقدام مُصَلِّين يَرْتَجلون لَحْناً دافِئا بعدما نَسُوا شيئا كانوا يُرَدِّدونَه في ليالي الذِّكْرِ ودارَت رِياح حَول أقْدامِهِم
تَعْلو كَعَباءة دّراويش،يرقصون عَكْسَ عقارِب الزّمن فيعودُ كلّ شيء كما بَدَأ فوقَ ظهْري
رياحٌ تُهَرِّبُ أحلاما مبْتورَة من رِجال الجَمارك أو دَقيقاً لِمُعَوَّزين خلْفَ المقابِر وإرْثاً لِأراملَ فَقَدْنَ أزْواجَهن
في تعْبيراتٍ مُخاتِلَة،وأطفال فَقَدوا آباءَهم تحت وَقْعِ الرياح وهي تَخْطِفُ سحابا ليَمُرَّ الشُّهَداء فوق كَتِفي إلى آباء الذاكرة.
8
للآن أُطارِدُ حِكايات هَرَبَت من ثُقْبٍ صَنَعَهُ طِفْلٌ بِمُصْحَفِهِ كيْ لا يُواصِل القِراءَةَ في الكتَاب،وأشْباحاً تسْعَى بين البئرِ وجدارٍ ماتَ تحتَه من فرط الظمأ أصحابَ خدعهم سراب برَصاصٍ بَلاغيّولمْ تصْعَد أرْواحهم إلى سَعف النخيل بعدْ، وأنا أدرب البئر على النسيان فلا تضل ولا تشقى .

محمد حربي
من ديوان جنرال المآتة
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads