ورثت عن أمي ولعها بنشر الغسيل
في كل يوم كنت أرتب خساراتي أدعكها بقوة
أعصرها حتى النقطة الأخيرة
وأعلقها على حبال الغسيل
ورثت عن والدي ولعه بأفلام الأبيض والأسود
ودموعه الغزيرة أمام كل أغنية حب
أو أمام لفظتي: مصر وفلسطين
أو عند تذكر طابون جدتي في القرية الممحية عن خارطة البلاد
أخذت عن جدتي رداءها الواسع
الذي لفّت به كتل اللحم الصغيرة أثناء قصف القرية المُبادة
كبرياءها أمام الحرب
وحنوها على جوع اللاجئين الجدد
أخذت حصّتي كاملة من كرت المؤن المعدّ للاجئين الفلسطينيين
صحن شوربة عدس مقززة
آكله بامتنان تام لوكالة الأونروا
ولمؤسسة الرب في السماء تنظم لي طريقة عيشي كلاجئة
أخذت من الشتات كل شيء
صورتي ووجهي ورائحة جسدي
فساتيني المزركشة ومبراة الأقلام
حلمًا بوطن واسع لا تحدّه الأسلاك الشائكة
وقلقًا من صورة الرئيس المُفدى مطبوعة على كل دفاتر البلد الشقيق
أخذت من الرئيس المُفدى معنى لكلمة مجزرة
وصمت
وأشواك تنمو في حلقي لكي لا أتدخل في أمور البلد المُضيف
أخذت من دمشق كل شيء
وتركت هناك كل شيء
دموع أبي وغسيل أمي الذي لا ينتهي
وقوف جدتي أمام الخيمة وآلاف الرؤوس التي دحرجها الرئيس المُفدى لكي لا يصاب بالأرق
تركتُ في دمشق صندوق حبي مقفلاً
وقصاصات شعر كتبتها للرجل النحيل
تركت نفسي وأنفاسي
وبدأت رحلة اللجوء الجديد.
*شاعرة ومترجمة من فلسطين
*شاعرة ومترجمة من فلسطين
19/2/2017
المصدر ضفة ثالثة : العربي الجديد