الرئيسية » » تدريبات الكراهية | عبد الغفار العوضي

تدريبات الكراهية | عبد الغفار العوضي

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 9 يناير 2017 | يناير 09, 2017

تدريبات الكراهية :

أسحب دخانا كثيفا من سيجارتى،الدخان يجعل الغرفة ضبابية وملائما لرسم الخارج بكل هذا التموج والذوبان ،أبدأ فى مراقبة تحول الأشياء من جمودها الى تناثرها العشوائى وسباحتها كسمك ميت فى دوائر الغرفة المحكمة الإغلاق ،الباب يتهشم ، قبضات رتيبة من الخارج تشبه مطارق عملاقة من الصدى..لا أفتح ..حين يدخلون سيجدون جثة بلا رأس ..لا أعضاء فى ثلاجة الموتى ..الفراش بارد ..والنافذة مرسومة بدقة على الجدار المواجه للباب فى محاكاة ساخرة لسماءين يربطهما فراغ ..
....
الهروب قبل أن تأتى أفواج الشرطة ،قليل من الوقت يفصل بين الذات وبين سقوطها فى المعتقل ..
هنا مساحة كافية من القتل
والعبور بأطفال بلا أوجه من بوابة المدارس ،إلى الرعب المفتوح على الميادين ..
وغلق الشوارع بمجنزرات تشبه لعبا كرتونية
فى حروب بلا منطق .
....
من أين تأتى الكراهية !

قلبى بارد ،والغرف الأربعة المملوءة بالدم الساخن تسكنها حيرة الأسئلة
لا سقف للرئة
تنفجر عناقيد الهواء المسمم طاردة أشلاء الحويصلات إلى خارج القفص الصدرى
من العظام المكسورة تتسلل كتائب وتحتل المفاصل ..

رأسى قنبلة معطلة ..
....
أمر صباحا فى مركز المدينة ، ليس غريبا أن تقع البنوك ومقرات الشركات ومكاتب السمسرة ومؤسسات السلطة والمساجد والسجون ومؤسسات الأمن هنا فى المركز ،
ما الذى يوجد فى الأطراف البعيدة من المدن ..!
البيوتُ تسير متعبةً فى قوافل كعاملات فقيرات يخرجن من المصانع ،
الشمس تختبئ هنا كقنفذ بين أزقة عطنة الرائحة..
....
يمكننى ملاحظة أنى ضئيل وأنا أمشى بجوار مصفحة للشرطة ،لا يمكننى إلقاء السلام على الجندى المفقوء العينين ..أسلاك شائكة تفصل بين الغرباء والمبانى الهائلة الرفاهية ،أسير على قدمىَّ المتورمتين من الوقوف طويلا فى رحم أمى ..
لا أريد النزول عاريا إلى الحرب
قلتها وأنا أجفف دما تناثر على وجهى ،
المقتولون يتركون كل شئ خلفهم بلا شعور بالحنين
المقتولون لا تجد على وجوههم أى مشاعر ،إنهم حياديون بلا سبب ..
بعدها أخذت سلاحا من الغابة
وجريت مجنونا إلى هنا
....
يمكننى تقمص أنماط لانهائية من الإنتقام،وأنا أبحث فى نفايات المدن العملاقة ..أبحث فى الخنادق عن أرواح مفقودة ..عن أقنعة رماها ممثلون مسرحيون قبل انتحارهم المباشر على خشبة المسرح ،لكى يبدو دورهم متقنا وخاليا من الزيف ..
بجوارى عدد لا يحصى من الحيوات التى لم أخترها
مثل حصى صغير
سأنام الآن بعد نتف ا لإبر السامة من جلدى
ومراقبة أفيال تصعد أشجارا هائلة على السقف
أشجار بلا جذور ، يمكنها السباحة كسمك ميت
وأنا أرسم فخاخا لا معنى لها
وأدرب غريزتى على السقوط كفريسة !

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads