الرئيسية » » عروس | شيخة حسين حليوى

عروس | شيخة حسين حليوى

Written By هشام الصباحي on الخميس، 14 يناير 2016 | يناير 14, 2016


عروس


  



شجرة بلّوط ضخمة تكسرُ طريقنا إلى نصفين وطفولتنا: ما قبل الشجرة وما بعد الشجرة.
 ونحنُ نُحصي الخطوات والسنوات تصيرُ تاريخيّة. تصيرُ شجرة مُقدّسة تفوحُ منها روائح البخور الذكوريّ المُعتّق.
 الشجرة تتوسّط طريقنا. وراءها بيوت مكتنزة وأمامها شارع رشيق.
شجرة بلّوط ضخمة تليق بسكن الجن وكذب الكبار. في النهار ندور برهبة حول الكذب، وفي الليل نخاف الجنّ. نجونا منه وبقي حبيس هواجسنا.
أمّا الكذب فاغتال طفولتيْن وأرجوحة.
واحدة تأخّرت على زفافها. كانت تخضّب دفترها الجديد ببقايا الحنّاء. كتبت اسمها عليه بخطٍ كوفيّ مائل. وجارة أمّها زغردت ورسمت قلبين وحرفين على ظهر يدها الصغيرة.
أختها الصغرى مزّقت الدفتر وصنعت من أوراقه طائرات بالكاد تطير.
الثانية فرحت بفستّان أبيض نزعته أمّها عن دمية ميّتة. احترق الفستانُ عندما انفضّ الجمع واكتشفتْ أنّ ضيف العيد الثقيل لم يكن ضيف عيد، وأنّ فستانها الأبيض لم يكن بالجمال الذي ظنّته. ركضت في الليل وركضت معها الأشجارُ حافية.
أنا كنتُ أظنّ شجرة البلوط الضخمة ذراع الله. اختبأت تحتها وكشفتني عينٌ سارحة. عجبتُ كيف لا تحجبني ذراع الله؟
قال أحد الأعمام : الله يسكن الشجرة ويحرّك الريح ولا يُشعل الحروب.  وقال جدٌّ مخبول: الله يرحلُ في الصيف، ويترك لنا الصوم وشمس لا تتحرّكُ من مكانها.
وأمٌّ ركضت طفلتها ذات ليلة (وركضتْ معها غابة) أحرقت شجرة البلوط وقالت أنّ شيطانا يسكنها.
الجميع قالوا وهم يدفنون الشجرة: إنّ شيطانا سكن الأم المسكينة.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads