الرئيسية » » وردة حمراء مضحكة | شيخة حسين حليوى

وردة حمراء مضحكة | شيخة حسين حليوى

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 19 يناير 2016 | يناير 19, 2016

وردة حمراء مضحكة




  




جلستْ في المطعم الذي أكلا فيه قبل عامين.
امرأة وحيدة بوردة حمراء مُضحكة في شعرها.
تتابعُ بجوّالها الحديث طاهيا محتَرِفا وهو يعرض أمام الزبائن قدراتِه الخارقة في مراقصة الطّعام والنار. روّادُ المطعمِ من السّائحين والمحلّيّين كانوا يصوّرون المرأة والطاهي.
سألها النادل:  هل أصبُّ النبيذ لشخصيْن سيّدتي؟
-         طبعا، هو يأتي في كلّ لحظة.
صبَّ ولم يسأل عن الآخر. لم يعدْ يعجبُ من الحاضرين غير المرئيّين. بعد عشرين عاما في المطعم وأقلّ منها في الحياة خارجه تعلّم أنّ الذين لا يراهم حاضرون بالضّرورة.
أكلتْ بأناقةٍ شديدة. غدا تعود إلى بيتها في "فينّا". ما زالت قلقة بشأنِ حديقتها. بوّابتها مُغلقة والورود تذبل بسرعة. وهو كان يعتني بها حتّى وهما مسافران. تظلُّ نضرة شهيّة بعد أسبوع من الغياب.
هل ستكون كذلك الآن؟ نضرة وشهيّة؟ لا شيء كما كان. حتّى هي. حزنها على غيابه صار لذيذا مُحبّبا كوسادتها. والشّوقُ لحضوره تحاوره مع قهوة الصباح بهدوء ورقيّ.
تزوره كلّ شهر. تحكي له كلّ ما يحبُّ أنْ يسمعهُ وما لا يحبُّ.
-         جون، تعرفُ لا أحبُّ اللون الأسود كثيرا. رميتُ ملابس الحداد كلّها. أنتَ أيضا كنتَ تسخر منْ عادات الحداد، أليس كذلك؟
أقولُ لكَ شيئا؟ كلّ الورود الحمراء التي تقطفُها من حديقتنا لم تكن تعجبني. لو أهديتني مرّة وردةً صفراء أو بيضاء! لا عليكَ المهمُ أنّك رحلتَ بلا ألمٍ. أقطفُ الورود الحمراء من أجلكَ، كي أحضرَها إلى هنا. غدا سأسافرُ، ولكنّي لن آتي إلى هنا. هذه آخر مرّة. أودّعكُ جون. اعتنِ بنفسكَ عزيزي.
من بعيدٍ وهي تجرُّ حقيبتها الثقيلة لمحتْ جارها يخرجُ من حديقتها ويغلقُ بوابتها القصيرة خلفه. ابتسمَ لها ورفع يده محيّيا. وهي تصعدُ الدرجات القليلة إلى البيتِ كانت تنتظرها هناكَ زهريّة كبيرة تملؤها ورودُ صفراء وبيضاء.
أخذتْ واحدة وشبكتها في شعرها قبل أن تفتح باب بيتها.
ضحكتْ: أنا امرأةٌ وحيدةٌ بوردةٍ صفراءَ مضحكة في شعري.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads