الرئيسية » » فخارٌ مكسورٌ | عبد الغفار العوضي

فخارٌ مكسورٌ | عبد الغفار العوضي

Written By هشام الصباحي on الجمعة، 11 ديسمبر 2015 | ديسمبر 11, 2015



فخارٌ مكسورٌ

يتحلل العالمُ القديم ..
نخسر أرواحنا فى رهان عبثى مع الوقت 
لم تعد تصلح ريشةُ عصفور لموازنة حجر أعمى 
يسقط من بيتنا العائلى الذى تقصفه الحرب ..

المقاومة نرد فاشل فى احصاء كم الهزائم 
نلعب لعبة الصدفة والوجود 
هل سيأتى إله ما من حطام البيوت المتبقى تحت جلودنا 
ليبنى لنا أرواحا أخرى !

الآلهة فكرة كى يستمر العقل فى ترويض وحشية العالم 
اترك جسدك فريسة للغزو 
ولا ترمم بيتك المهدم 
اترك أظافرك محنية كصليب معقوف 
ولا تهاجر إلى أرض أخرى 
اغرس ذاكرتك فى تراب الدبابات 
ولا تسأل عن هويتك 
أنت روحُ زمنٍ مات 
وغبارك تحمله الريح 
ولا سلالة تبقت من غريزتك للحياة 
سوى رماد حزين !
****
هذا ليس حلما كابوسيا 
هذا الطينُ المتشقق لن يرويه سوى الملح 
تلك القرى سيغرقها جنود جاؤوا من أقصى الأرض 
لن يتبقى إلا هذا الشجر الميت فى غرف النوم والمطابخ 
بعد أن اقتلعنا الأشجار من جذورها 
وزرعناها كرماح فى عظامنا 
كى ننغرس بلا خوف فى تلك الأرض 
التى تتحلل 
كعرقٍ 
يجفُّ ..
****
لا تنفع الذاكرة لبناء أرض أخرى 
الكلمات الهشة تتطاير كقش فى ريح النسيان 
ليس علينا سوى أن نغفر للوقت جريمة الذبح 
ونحن نمد أعناقنا الطويلة كأظافر متسخة
تحت مقصلة الحرب 
كى تقصها آلةُ العالم الحداثى 
****
جغرافيا متسعة من القمح الفاسد تذوب أمام صحراء 
سنمشى فى شوارعنا القديمة كحصى غريب 
سنأكل ما تعفن من ثمار الجثث على شجر مُعدٍّ للصلب 
أمام الحدائق العامة 
القلوب الاحتياطية التى تم نزعها من الأطفال 
سيأخذها جنود ماتوا سابقا فى الحرب 
لن يتبقى سوى طلاء البيوت الحزين 
برودة السجاد المفروش على أرض أصبحت قبورا جماعية 
السجاد الذى لن ينشف فى الشمس الرصاصية 
لأن الدم الكثيف الذى سال عليها سيظل حادا كمرآة متكسرة 
ونحن نرى وجوهنا الملطخة بالقتل ولذة الاختباء 
تنعكس 
كظلال باردة 
****
بين زمنين 
يتحطم العالم 
الفخار القديم لن يصلح لإعادة إنتاج بشر ماتوا 
لا فائدة للنوستالجيا من ترويض وحش الذاكرة 
ولا فائدة من البكاء 
العروق النافرة التى تخزن دما عجوزا 
سيموت وحده داخل نزيفه الذاتى 
سيكفى جدار أصيب بعدد لانهائى بالرصاص 
من فتح جرح بحجم مدن ميتة 
تسيل من الحدود المقصوفة والمحاصرة بالأسلاك الشائكة 
كدمامل هاربة 
كلاجئين يئسوا من الأرض 
****
لا تحلموا بغدٍ 
اغرسوا مدنا كالورد فى قيعان أنهارٍ 
وازرعوا بنفسجا فى رئاتكم 
وانتظروا 
كغريب على عتبة 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads