الرئيسية » » الثورُ المُجنَّح | إبراهيم المصري

الثورُ المُجنَّح | إبراهيم المصري

Written By Unknown on الجمعة، 27 فبراير 2015 | فبراير 27, 2015

الثورُ المُجنَّح
................
ما أن دخل الدواعشُ مُتحفَ الموصلِ بمطارقِهم
حتى طارت أرواحُ التماثيلِ إلى السقف
كانت تسرعُ للالتصاقِ بأي يقينٍ يعميها
عن رؤيةِ ما يحدث تحت عيونها
لكنها رأت ما رأينا وبَكَت
أنها لم تكن مُصانةَ الكرامةِ ولا الدمُ أيضاً
كان مُصاناً
رؤوسُ آلهةٍ تسقط
مضرجةٌ بالغبار الذي يحبسُ الأنفاس
أنَّ هؤلاء يحطمِّون ما اعتدنا أن نعرَّفه بالحضارة
مثلما أحرقوا كتباً طارت أرواحها هي الأخرى
إلى السقف
كلُّ شيءٍ سيبقى
بما في ذلك صمتُ هيباتيا المسحولةِ في شوارعِ الإسكندرية
لأنَّ الله الذي خلقَ الإنسانَ ليُبدعَ ويفكَّر
أمرَ آخرين بتدميرِ الثمار
أو هكذا يتصورُ الآخرون أنفسهم
يُطلقون اللحى ويستعيرون خبباً همجياً
ولا يوفرون التصويرَ البطئَ في تثبيتِ سهامٍ
يطلقونها علينا
لنتذكرَ جيداً ما يفعلون
إنني أرى فرائصَ اليونسكو ترتعد
مدراءِ المتاحف ومحبي الآثار
والواهمين بأنَّ ثمةَ شيئاً غيرَ القتل
سيكون بابَ هروبنا الكبير
يسند الداعشيُّ تمثالاً بيده
قبل أن يتركه يسقطُ أرضاً
يبتعد الداعشيُّ ملموساً بطاقةِ خوفٍ
من أن يصفعه التمثال
لكن التمثال يصعد إلى روحه الملتصقةِ بالسقف
خالداً بجمالهِ المُفتت
وساحقاً بقدمه كلَّ ما ستقوله بعد ذلك
اليونسكو ومدراءُ المتاحف ومحبو الآثار والفيسبوكيون
التمثالُ يعرف
أنه خالدٌ بيدين هذبت روحَ الحجرِ قبل آلافِ السنين
وأن ثمة يدين ستعيد خلقه جمالاً سوياً بعد آلاف السنين
والمحنةُ ما يَتبدى شائخاً
في ضمائر لا تحنو
لكنها تصرخ حين يُلمَسُ تمثالٌ أو كتاب
الدواعش يعرفون ذلك جيداً
يحرقون الكتابَ ويهدمون التمثال
لشدِّ الأنشوطةِ أكثر على أعناقٍ
لم تكن شجاعةً بما يكفي لأخذِ الإنسان على محملِ الجد
وإلَّا كانت واجهت الدواعشَ في كل مكان
من المسجدِ إلى الجامعة
ومن الشعر العمودي إلى قصيدةِ النثر
ومن التراثِ إلى المعاصرة
وما يُؤخذ كدليلٍ في النهاية
كان الثورَ المجنَّح
والداعشيُّ بجلافةِ حاقد
يدق قدمه بالمطرقة
كان الثورُ مجنحاً والداعشيُّ مُنحنياً
يحاول يائساً أن يهدم الخيال
وأن يعيد العقلَ الإنساني إلى مُتعةِ شق البطن
قبل أن يغطسَ في الدم
وكانت أرواحُ التماثيلِ هذه المرة
تحط على جناحي الثور
ثمة مَن سيعقدون قمةً هذه الليلة على قمةِ الليل
سيتوارون عن أنظارِ القتلةِ وعن أنظارنا
سيجوبون أرضَ العراق
مطمئنين إلى أحفادهم الذين يمشون على الأرض
إنَّ بينهم
مَن ليس معنياً بكلِّ هذه القصةِ ولا بقصةِ الدواعش
غصَّة دمويةٌ وتزول
يقول لنفسه قبل أن يفتح الباب
لتدخل التماثيلُ وأرواحها والثور المجنح والشهداء
والمعذَّبون والمهجرَّون واللاجئون
ثم يدخل الخيال
غداً يقول الجميع:
سنعيد بناءَ البيتِ وتشييدَ الجمال.
إبراهيم المصري
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads