الرئيسية » » أيها الشعراء | محمد بنميلود

أيها الشعراء | محمد بنميلود

Written By هشام الصباحي on الجمعة، 19 ديسمبر 2014 | ديسمبر 19, 2014

أيها الشعراء، كيف أشرح لكم أني عَدَمِيٌّ إلى درجة لا يمكن تصورها، ويائس من كل شيء منذ سنوات طويلة، ولا أطمح إلى أي شيء، وليس عندي رغبة في معرفة المزيد عن هذه الحياة، ولا معرفة ما هو الموت، ولا في الحكمة نحو أي شيء، وأعيش حياتي التافهة الباقية هنا في غرفة صغيرة تغلق بمفتاحين من الدّاخل، كعجوز متقاعد بعيدٍ جدا عن ذكرياته وعن أحفاده.
أيها الشعراء كيف أشرح لكم أني أريد فقط أن أكتب قليلا من القصائد الصغيرة الشبيهة بدُوريّات حيطان حيّي المحفرة، وبضحكات أصدقائي الذين غرقوا باكرا في النهر، وبالتماعة حزن النجوم البعيدة في نظرات حبيبتي. هل هذا كثير الذي أطلبه منكم يا أصدقائي الشعراء؟ هل كثير أن أكتب وأعطي كلماتي للريح لتذروها بعيدا كقش بلا حصاد؟ هل كثير ألا أطلب أي شيء؟ وألا أنتظر أي شيء؟ وأن أذهب في المساء وحيدا بين الناس، بلا اسم، كنملة بين النمل، مستمتعا بضجيج الباعة والبراحين والآذان، في زحام السويقة، في بلاد بلا تماثيل للشعراء.
هل كثير أن أكون وحيدا ويائسا من كل شيء وعدميا ولا تدهشني القصائد والطوائف الشعرية والحديث عن الشعر والشعراء والدواوين بقدر ما يدهشني ذَكَرُ الوزغ على أسوار شالّة؟
هل كثير أن تكون قصائدي صغيرة ومجانية ككوب ماء يُقدّم مع الدواء؟
هل كثير أن تذهب نظراتي الحزينة كل مساء مع بهجة سرب سنونوات القلعة، ولا تعود؟
كيف سأشرح لكم أشياء لا تشرح بكلمات فانية؟ وماذا سأفعل لكم إن أحب العابرون عصافير الدُّورِي، وبكوا لأجل أصدقائي الغرقى، وعشقوا التماعة حزن النجوم البعيدة في عيون حبيباتهم؟ ماذا أفعل لكم إن ظن العابرون قطع خبز يابس مباركة ملقاة على الرصيف قصائد، جمعوها بنظراتهم، ووضعوها في يدي، بعد أن قبّلوها بقداسة الأجداد، ماذا أفعل لكم أنا؟
يا أصدقائي الشعراء الذين أحبّهم، إنّ الرّسائل تصل فقط بالرِّيح، ورسالتي إليكم هي:
الخريف.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads