الرئيسية » , , , » القاتل.. حبيبنا* (مقالات أعجبتني- 9) | جمال الجمل

القاتل.. حبيبنا* (مقالات أعجبتني- 9) | جمال الجمل

Written By هشام الصباحي on الخميس، 19 يناير 2017 | يناير 19, 2017

(1)
فشل في أكثر من وظيفة.. فشل في التمثيل، فشل في الزواج، سرق كمية من الكتب، أُلقي القبض عليه، سُجن ستة أشهر، وعندما أطلق سراحه بصق في وجوه الناس والمجتمع.. كلمات على ورق.. انتقلت إلى المسرح، فأصبح بين ليلة وضحاها واحداً من نجوم الأدب، وعندما كان يمطر الناس بالبصاق والشتائم، كان رد الناس الإغراق في الضحك والتصفيق، وكان رد «النقد» منحه جائزة رفيعة، كصاحب أحسن مسرحية إنجليزية عام 1964.
(2)
هو الذي قال: «في السجن، تكشَّف لي كل شيء.. لقد رفعت «السيدة مجتمع» تنورتها أمامي، وصدقوني: كانت العفونة شديدة»!
(3)
الأكثر من ذلك غرابة، أن كثيرين من النقاد اعتبروا مسرحيته أخلاقية، وقبل أن نستعرض المسرحية علينا أن نعرف اسمه.. اسمه: «جو أورتون»، وعندما كتب مسرحيته كان عمره 25 سنة، وقد حطم جميع الأرقام القياسية في أدب زملائه الغاضبين، حتى إن جون أسبورن يُعتبر في نظري (بالنسبة له) بارداً وهادئاً!.
(4)
اسم المسرحية «عزيزنا السيد سلون»، وسلون (كما يفترض المؤلف) شاب وسيم خفيف الدم يجمع بين البراءة والجريمة، كان طفلاً عندما مات والداه، فتربى في ملجأ للأيتام، يقول سلون عن والديه: «أذكر أنهما كانا محترمين، عندهما تليفزيون بالتقسيط وحدائق هنا وهناك، كما يتطلب الأمر في المجتمع الراقي، وفي كل عام أقوم بزيارة قبريهما آخذ معي سندويتشات وأحوِّل زيارة المقبرة إلى نزهة لطيفة»!.
(5)
في إحدى المرات، عندما كان سلون عائداً من المقبرة، التقى برجل غريب دعاه إلى وجبة ساخنة وفراش نظيف، شريطة أن يصوِّره بعض الصور العارية (لأن هذا الرجل كان مصوراً)، وافق عزيزنا السيد سلون، وفي الليل أفاق عزيزنا وندم على فعلته، وقرر أن يأخذ الفيلم، وفي اللحظة نفسها أفاق المصور أيضاً فظن أن الضيف ينوي سرقته، فتشابكا وقَتل سلون المصور.
(6)
حتى الآن، لم يعرف أحد بالجريمة.. يصل عزيزنا السيد سلون إلى بيت واحدة اسمها «كاتي».. امرأة في الأربعين (تدَّعي أنها أرملة، لكنها لم تتزوج في حياتها زواجاً شرعياً) إنها ثمرة ناضجة تنتظر عابر سبيل، ملابسها الزاهية فاقعة الألوان تكشف لنا عن نفسيتها المراهقة والطيبة.. يستأجر «عزيزنا السيد سلون» غرفة في بيتها المبني قرب مستودع نفايات المدينة.. تؤمن كاتي تدفئة لفراشها وعواطفها التي تفتش عن حب.. قالت له مرة: «سأكون أمك، أريد أن ((تحبني)).. سأخجل منك في الصباح»، وعندما تطفئ الضوء نسمعها تقول: «أي طفل كبير وثقيل أنت.. طفل كبير وثقيل»!.
(7)
لسوء حظ عزيزنا سلون و(أمه كاتي) أن والد كاتي المدعو (بابي) كان شاهداً على جريمة القتل.. إذ كان يعمل لدى المصور. و«بابي» هذا نصف أعمى، لكنه ذو ذاكرة حادة.. وهو الشخصية الوحيدة «الناشزة» في هذه المسرحية.. ونشازه يعود إلى أنه الشخصية الوحيدة الطبيعية!!، فهو من بقايا الناس الذين لا يزالون يحافظون على القيم والتقاليد والأخلاق في وقت ............
(8)
قبل عشرين سنة دخل «بابي»، فجأة، إلى غرفة ابنه فوجده يرتكب إثماً ما، ومنذ ذلك الوقت لا يبادله الكلام. يكتشف الأب (منذ البداية) العلاقة بين ابنته وبين سلون، فتضطره الغيرة على الأخلاق إلى التنازل عن مقاطعة ابنه، ليروي له سيرة أخته مع هذا الشاب الذي يستهتر بكل القيم المقدسة.. يقول الأب لابنه «آدي»: «إن سلون ينام كل ليلة تقريباً مع كاتي.. وبطنها في المدة الأخيرة أشبه ما يكون بكيس خيار.. ليس من الأكل بالطبع» ثم يكشف النقاب لأول مرة عن جريمة القتل التي ارتكبها سلون.
(9)
لكن مسألة الجريمة لا تشغل بال «آدي»، فلا يعيرها اهتماماً، لأن الغيرة التي أخذت في أكل قلبه صرفته عما دونها، وعلينا أن نعرف هنا أن «أدي».......
بقية المقال غداً
........................................................................................................................................
* المقال للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، منشور في العدد الأول من مجلة «الجديد» عام 1966.
 المصرى اليوم فى 19 من يناير 2017


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads