الرئيسية » , , , , » وليم زنسر: كيف تختمُ مقالتك؟ ترجمة: رهام المطيري

وليم زنسر: كيف تختمُ مقالتك؟ ترجمة: رهام المطيري

Written By تروس on الأربعاء، 9 ديسمبر 2015 | ديسمبر 09, 2015

وليم زنسر: كيف تختمُ مقالتك؟
ترجمة: رهام المطيري

حتى الكتاب المحترفون غالبا ما ينساقون في كتاباتهم أكثر مما يُقرّون.

قدّمنا بعض الاقتراحات لكيفية افتتاح مقالتك. الآن سأحدثكم عن كيفية ختمها. فمعرفة متى عليك أن تنهي مقالتك أهم بكثير مما يدركه معظم الكتاب. فينبغي عليك أن تفكر مليا في اختيار جملتك الأخيرة كما تفعل عند اختيار جملتك الأولى.

قد يبدو من الصعب تصديق هذا. إذا كان القارئ قد لازم مقالتك منذ البداية منجرًّا وراءك في المنعطفات المحصورة والأرض الوعرة، فحتما لن يتوقف عن متابعة القراءة عندما تكون الخاتمة على مرآى منه. ولكنه حتما سيتوقف إذا تحولت تلك الخاتمة إلى مجرد سراب يطارده. فالمقالة التي لا تتوقف حيث يجب أن تتوقف وتصبح مجرد خيبة تشبه موعظة القسيس التي أصّلت لخاتمة مثالية لم تصل إليها قط.

معظمنا لازال سجينا للدرس الذي نقشه معلمو الإنشاء في أدمغتنا والذي يؤكد فيه الأستاذ أن لكل قصة بداية ومنتصف ونهاية. لا زلنا نستيطع أن نتخيل الخطة العامة التي كنا نُعدها مستخدمين الأرقام الرومانية والتي تدعم الطريق الذي سنجتازه بجهد وإخلاص، وتلك الأرقام الفرعية والتي تدلنا على طرق آخرى سنسبرها باختصار. ولكننا كنا دائما نعد بالعودة إلى النقطة الآخيرة في خطتنا وتلخيص رحلتنا.

لا بأس في ذلك بالنسبة لطلاب الابتدائية والثانوية غير المتأكدين من الأرضية التي يرتكزون عليها. فهذا النمط يرغمهم على معرفة أن الكتابة ينبغي أن تتبع نمطًا وشكلًا منطقيًّا، فهذا درس يستحق المعرفة في أي سن. فحتى الكتاب المحترفون غالبا ما ينساقون في كتاباتهم أكثر مما يُقرّون. ولكن إذا كنت ترغب في كتابة عملٍ غير قصصيٍّ جيد عليك أن تتخلص من القبضة الباطشة للخطة العامة.

ستعرف أنك وصلت إلى تلك الخطة العامة عندما تطفو على شاشة جهازك الكمبيوتر جملة تبدأ “باختصار، يمكن ملاحظة أن..” أو سؤال يستفهم “إذن ما هي الرؤى التي استطعنا إدراكها من..” هذه إشارات إلى أنك على وشك إعادة ما قلته بتفصيل بشكلٍ مركز مرة أخرى. اهتمام القارئ عندها سيتداعى والتوتر الذي خلقته في مقالتك سيفتر. ولكنك بالفعل ستكون مخلصا للآنسة بوتر، معلمتك، والتي جعلتك تقسم أن تبقى مخلصا للخطة العامة. بفعلك هذا أنت تذّكر القارئ بشكل مختصر بملاحظة ما يمكنه بالأساس ملاحظته. للمرة الثانية كل ما تقوم به هو إعادة ما قدّمت له في مقالتك.

بوسع القارئ أن يشعر بمحاولاتك الجاهدة والمضنية لختم مقالاتك. سيشعر بمللك وضجرك. إذن لماذا لم تفكر مليا بختمها بشكل جيد؟ أم أنّك تلخص ما قلته لأنك تعتقد أن القارئ غبي ليفهم ما تريد إيصاله؟ ولكن هل تعرف أن لدى القارئ خيار آخر غير قراءة تلخصيك أو محاولاتك المضنية لختم مقالتك.. نعم بإمكانه التوقف عن قراءة مقالتك.

هذا هو السبب السلبي لتذكّر أهمية الجملة الأخيرة. إذا فشلت في معرفة المكان الذي ينبغي أن تكون فيه هذه الجملة، فقد تهدم مقالة كتبت حتى الآن بشكلٍ رائع. بيد أن السبب الإيجابي لخاتمة جيدة هو أن الجملة – أو الفقرة – الأخيرة تمثل متعة في ذاتها. فهي تعطي القارئ حافزًا، وتعلق به حتى بعد انتهاء المقالة.

الخاتمة المثالية ينبغي أن تباغت القارئ بعض الشيء. وأن تبدو ملائمة في نفس الوقت. فالقارئ لا يتوقع أن تنتهي المقالة بسرعة أو بغتة أو أن تعيد مجددا ما قالته في البداية. بل ينبغي أن يعرف أن تلك هي الخاتمة عندما يقرأها.

هذا يشبه الفصل الآخير من مسرحية كوميدية عندما نكون وسط المشهد وفجأة يقول أحد الممثلين شيئا مضحكا أو ساخرا أو لاذعا وتنطفئ الأضواء لنفاجأ بانتهاء المشهد. حينها نستحسن الطريقة الملائمة التي انتهى بها المشهد. إن الذي يثير استحساننا هو تحكّم كاتب المسرحية بمسرحيته. بالنسبة لكاتب الأعمال غير القصصية فإن أسهل طريقة لتحويل هذا إلى قاعدة تُتبع هو أن يتوقف عندما يكون مستعدًا. إذا كنت قد عرضت كل حقائقك وعبّرت عن رأيك، فابحث عن أقرب مخرج. غالبا ما يتطلب الأمر جُملًا قليلة لختم الموضوع. مثال، ينبغي أن تحيط هذه الجمل بفكرة المقالة وتختمها بجملة تهز القارئ بملائمتها ومفاجأتها.

فيما يلي كيف أنهى هنري لويس منكن تقييمه للرئيس كالفين كوليدج، والذي أعلن بأن حكومته بالكاد تتحكم بأي شيء، بالتالي تبينت ووتحققت مثالية “جيفرسون” وابتهج جمهوره:

“نعاني أكثر ما نعانيه ليس عندما يكون البيت الأبيض مسكنا هادئا، بل عندما يكون فوق سطحه شخص يصرخ ويصرخ. باحتساب الرئيس هاردينغ كصفر، فالرئيس كوليدج سُبق برئيس وتُبع برئيسين أنقذا العالم. هل الذي وعّى الأمريكيين ليختاروا واحدا مثل أولئك أو واحدا مثل كوليدج سيتردد للحظة بتوعيتهم مجددا؟ في أثناء حكم كوليدج لم يكن هناك أية إثارة. فلم يكن يملك أية أفكارٍ ولم يكن مزعجا.”

هذه الجمل الخمس القصيرة تشدّ القارئ لإكمال المقالة. إن فكرة أن كوليدج ليس لديه أفكار يقدمها ولم يكن مصدر إزعاج تترك صدىً من الغبطة. لقد نجحت الخاتمة فعلا.

في كتاباتي غالبا ما أقوم بالعزف على وتر فكرة ذكرتها بالبداية. هذا يرضي شعوري بالانسجام كما أنه يرضي القارئ، متمما الرحلة التي انطلقنا بها سويا.

ولكن أكثر ما ينجح هو الاقتباس. عد لملاحظاتك للبحث عن بعض التعقيبات والحواشي التي تحس أنها تملك نبرة ختامية، أو تجدها مضحكة أو تضيف تفصيلًا ختاميًّا غير متوقع. أحيانا أثناء قيامك بإجراء المقابلات تشعر أن ذلك ما يجب أن تختم به مقالتك “لطالما اعتقدت أن هذه هي خاتمتي!” أو أحيانا أثناء عملية الكتابة نفسها.

في منتصف الستينات من القرن الماضي عندما بدأ نجم وودي آلن المصاب بالعُصاب بالسطوع بتقديم منولوجات في الملاهي الليلية، كتبت أطول مقالة نُشرت في مجلة تبدي الاهتمام به.

“يقول آلن: إذا انصرف الناس عني وهم يشعرون بصلتهم لي كإنسان أو انصرفوا وهم يرغبون بسماعي مجددا أيا كان ما سأقوله، بدلا من الاستمتاع بنكاتي فقط، فإني حينها أكون نجحت. بالحكم من خلال العودة، يمكن أن نلقب وودي آلن  بالسيد “المتعلَّق به” ويبدو أن هذا رهان جيد للحفاظ على نشاطه لعدة سنوات.

مع ذلك فإن لدى آلن مشكلة خاصة به لا يشترك بها مع أحد من الأمريكيين. فهو يقول “أنا مهووس” بحقيقة أن والدتي تشبه حقا غروشو ماركس.”

هناك تعليق بعيد لا نشعر بدنوه. إن المفاجأة التي يحملها رهيبة للغاية. كيف يمكن ألّا تكون نهاية ملائمة؟ المفاجأة هي أكثر العناصر تجديدا وإنعاشا في الكتابة اللاقصصية. إن فاجأك شيء ما فإنه حتما سيفاجئ ويبهج القراء الذين تكتب لهم، خصوصا وأنت تختم قصتك وتتركهم في سبيلهم.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads