الرئيسية » , » ثلاثة تمارين لحوار أكثر حيوية من جويل باركر روده | ترجمة: علي سيف الرواحي

ثلاثة تمارين لحوار أكثر حيوية من جويل باركر روده | ترجمة: علي سيف الرواحي

Written By هشام الصباحي on السبت، 10 أكتوبر 2015 | أكتوبر 10, 2015

ثلاثة تمارين لحوار أكثر حيوية من جويل باركر روده
ترجمة: علي سيف الرواحي

يجب أن يكون هنالك شعورٌ بأهمية كل ما يقال في النص، وما لا يقال أيضًا.

يعتمد الحوار الجيد على النقاط التالية:

التوتر السطحي والتوتر الضمني (النص الفرعي): يجب أن يكون هنالك شعورٌ بأهمية كل ما يقال في النص، وما لا يقال أيضًا. وتذكر بأن الحوار ليس أمرًا عشوائيًّا، وإنما يعكس عالم الأحاسيس التي تعيشها شخصياتك.  وقد لا يبدو السبب الحقيقي للصراع بين الشخصيات ظاهرًا للعيان، لكنه يكون بالأحرى مختبئًا بين جنبات النص. فعلى سبيل المثال قد تعرف إحدى الشخصيات بأن الأخرى تكذب ولكنها لا تقول ذلك صراحة، ومع ذلك فإن هذا الاعتقاد الخفي يؤثر في طريقة ما يقال وكيف يقال. وفي بعض الأحيان يكون النص الضمني ذا مضمون اجتماعي وسياسي، أو عنصري وعرقي أو جنسي سياسي أو قومي، ويعطي هذا الأمر قوة إضافية للتوتر الضمني أو المخفي في أي حوار.

الكبت العاطفي (وتحريره): الشخصيات الأدبية مثلها مثل البشر العاديون في محاولة دائمة لكبت مشاعرها. (النص الضمني بطبيعته هو نوع من أنواع هذا الكبت العاطفي). فعندما يكون الغضب والخوف والشهوة والوحدة تتصارع خفية تحت السطح يجعل ذلك النص أكثر إمتاعًا  وتشويقًا من أن يتم الصراخ به بصورة مباشرة. وعندما يحدث هذا الانفلات الصاخب للمشاعر، فإن عملية الكبت السابقة ستظهر أهميته بصورة أكبر. يجب أن يُكتب الحوار بشيء من التحفظ مع الوعد بإطلاق تلك المكبوتات العاطفية في الوقت المناسب.

الأفعال وردود الأفعال والصمت لدى الشخصيات: عندما تنخرط الشخصيات في الحوار، فهي لاتزال تتفاعل جسديًّا عن طريق تعبيرات الوجه وطريقة الوقوف وغيرها. وهذه الأفعال وردود الأفعال تبعث القوة في كل ما يقال وما يترك للصمت. قد تقول إحدى الشخصيات “أنا أحبك” لكن أفعالها هي ما تحدد إذا كان ذلك صحيحًا أم لا. وبالمثل، فإن لحظات الصمت والتردد تحمل في طياتها المشاعر العميقة والصادقة للشخصيات.

نمط الحديث واتساقه بما يتناسب مع كل شخصية: تلعب شخصيات الشخوص ومناطق سكنها والفروق الطبقية وخلفياتها التعليمية وطبيعة المجتمع الذي تعيش فيه دورًا في اختيار الكلمات وتشكيلها. والاختلاف في نمط الحديث مذهل حقًّا، فمنه المفاجئ والمتسق في النغمة ومنه الجميل كالشعر. بعض الشخصيات تستخدم كلمات بسيطة لكن في منتهى الأناقة، وشخصيات أخرى تستخدم كلمات فخمة من أجل الإبهار فقط. ويؤثر التضاد والتناقض كذلك على إيقاع سير المحادثة وهو شائع كثيرًا، ويشيع أيضًا استخدام بعض التعابير العامية.

الجمل القصيرة وشذرات الجمل:  تخلق الجمل الطويلة والفصيحة حوارًا رصينًا. لكن المقاطعة والتوقف في منتصف الجمل والاختصار في الحديث واللهجات، كل ذلك يعكس الحوار البشري الواقعي،

“إلى أين أنت ذاهب؟”

“الكنيسة.”

هو حوار أفضل من أن تقول:

“إلى أين أنت ذاهب؟”

“أنا ذاهب إلى الكنيسة.”

قلل من التعريف بالمتحدث للحفاظ على انسيابية النص: لتجنب الوقوع في الحيرة بسبب تتداخل الشخصيات المتحدثة، قلل من استخدام المعرفات من قبيل “قال هو” أو “قالت هي”. لأن كثرة تلك المعرفات ستذكر القارئ بأنه يقرأ قصة ما عوضًا عن أن يكون معايشًا لها بخياله.

اكتساب مهارة كتابة حوارات قوية وجيدة ستساعدك في كل مرة تكتب فيها قصة. لا تصبح الشخصيات قوية وحية إلاعندما تتحدث، وحديثها ذلك يكشف عن الصراعات الدائرة ويساعد في بناء الحبكة. مع كل ساعة تقضيها في التدرب على الحوار، سينتج عن ذلك خلق قصص أكثر امتاعًا ورصانةً. وبينما ينمو حسك اتجاه الأصوات والأحاديث من حولك، ستستمع إلى شخصياتك وهي تهمس، وتصرخ، وتتنهد أحاسيسَ جديدةً وقصصًا لم يسبق لها أن حدثت من قبل.

التمارين

التمرين الأول: التكلم بصوت منفرد

استمع إلى أحدهم لمدة يومين ممن يروق لك الاستماع إلى حديثهم. قد يكون ساعي البريد السريع من مدينة برونكس، أو أحد الخبراء الماليين من (وال ستريت)،أو أحد المهاجرين الجامايكيين. ما هو الشيء الذي يجذبك في حديثهم؟ هل هو الإيقاع المتسق، أم استخدامهم لكلمات معينة، أم أثر اللهجة المحلية في إيقاع كلامهم؟ ماهو نمط الجمل الذي يتكرر دائمًا؟ هل نغمة حديثهم حازمة؟ متذمرة؟ متزنة؟ عدائية؟ مترددة وخجولة؟ استئذن المتكلم في تسجيل حديثه. وإن رأيت عدم جدوى هذه الطريقة، اعتمد على ملاحظاتك المكتوبة وذاكرتك.

بعد ذلك، اكتب حديثًا منفردًا (مونولوج) مستخدمًا الصوت المكتشف حديثًا، استعن بأحد المواقف التالية:

تخيل أن أحد المشتبهين بهم في السطو على بنك يدّعي البراءة ويحاول اختلاق حجة غياب لأحد المحققين.
تخيل زوجة تعاني من سوء المعاملة تحاول شرح الأسباب التي تحاول بها تبرير بقائها مع زوجها.
تخيل بائعًا في متجر صغير يشرح لزميله في العمل إعجابه الشديد بأحد الزبائن الذي يأتي كل أثنين وجمعة ليشتري بعض الحليب وعلبتي جعة وصندوق سجائر.
خصص ساعة كاملة لكتابة ومراجعة المونولوج. كيف هو هذا المونولوج بالمقارنة مع الصوت الأصلي، هل هو أفضل؟ وهل ذلك الصوت يناسب الموقف والشخصية التي خلقتها؟ هل يحتوي المونولوج على توترات أو احتباس عاطفي؟ هل هنالك أفعال وردود أفعال ووقفات صامتة في المونولوج؟ وإذا كان الجواب بالنفي، ماهي الأسباب؟ هل الحديث قابل للتصديق؟ هل هو مترابط؟ هل هنالك نقاط ضعف في المونولوج؟ وماهي نقاط القوة فيه؟

التمرين الثاني: الحوار في المواقف الخلافية

بناءً على التمرين السابق، وسع من نطاق المونولوج الذي قمت بكتابته ليكون على شكل حوار. على سبيل المثال، إذا كان المونولوج عن اللص الذي سرق البنك وهو في صدد الكذب على المحقق، وسّعهُ لتخلق حوارًا بين شخصين. ولكي تفعل ذلك عليك القيام بالتالي:

تخيل الشخصية المقابلة: من يكون أو تكون؟ كم مضى عليها في عملها كمحققة؟ هل تحب عملها ذاك؟ ماهي دوافعها واحتيجاتها من وراء قيامها بعملها؟ كيف تبدو نغمة صوتها؟
أضف المزيد من التوترات والنصوص الضمنية: هل تشك المحققة في أن المشتبه به يكذب؟ هل تملك أية أدلة ظرفية؟ هل تحاول الإيقاع به كي يعترف؟ هل تتعاطف معه سرًا؟ هل تجد اللص جذابًا؟ هل لديها مشاكل مادية؟ هل حلمت هي نفسها بالسرقة؟ هل اللص منجذبٌ نحو المحققة؟ هل يخفي اللص سلاحًا ما؟ هل يشعر اللص بالاضطراب لأن أي إدانة أخرى ستعني حصوله على حكم بالمؤبد؟ هل اكتشف اللص مؤخرًا بأن زوجته حامل؟
تكوين الإطار الزماني والمكاني: أين تتواجد شخصياتك؟ هل في مركز الشرطة؟ أم في بيت اللص؟ أم في مكتب شرطي التسريح المشروط؟ هل تمت مداهمة اللص في بيت يشتبه باستخدامه لتعاطي المخدرات؟
عندما تنتهي من تصور الشخصية الجديدة، ووضع الإطار الزماني والمكاني للأحداث، ورفع حدة التوتر السطحي والضمني، ستكون عندها جاهزًا لتصور مشهد حواري جيد. اكتب حوارًا بين شخصين معتمدًا على المنولوج الأصلي الذي كتبته. (تذكر أن الشخصيات لا تتكلم في الفراغ ولكن ضمن حدودها الوجودية، والمكانية، والهدف الذي تبتغي تحقيقه.) اكتب كل ما يرد في خاطرك بلا حجب. واكتب بسرعة لمدة ثلاثين دقيقة، من أجل خلق حوار شيق وذي مصداقية. (لا تقلق بشأن حل للحبكة، لا يتوجب على اللص أن يعترف بجرمه).

بعد ذلك اقرأ الحوار بصوت مرتفع. هل يمكن التفريق بين حوار الشخصيتين من ناحية النمط المتكرر واختيار الكلمات؟ هل يبدو الحوار لك متكلفًا أم طبيعيًّا؟ ما نوع الجمل التي اخترتها؟ هل هي فاعلة؟ هل استخدمت شذرات جمل؟ أو الرد بكلمة واحدة؟ إذا كانت الإجابة بالنفي، لم لا؟ هل بإمكانك استخدام الجمل ذات الإيقاعات المختلفة؟ هل تبدو أيًّا من جملك غريبة أو متكلفة وطنانة؟

هل أضفت ما يكفي من التوترات والنصوص الضمنية؟ هل تحتاج إلى أن تضيف إلى الشخصيات المزيد من الردود والأفعال؟

قم بمراجعة حوارك لمدة نصف ساعة. أعد قراءة الحوار بصوت عال مرة أخرى. هل تبدو لك النسخة الثانية أفضل، وسهلة الفهم، وحيوية أكثر بمكوناتها وأصواتها؟

التمرين الثالث: التدرب على النص الضمني

يتحكم التوتر الضمني بمعظم الأحاديث التي تدور بين البشر. لا تحبذ  المجتمعات “اللطيفة” التعبير المباشر عن المشاعر الحادة، مثل فقدان الأعصاب، الغضب، الحب، والرغبة. ونتعلم بذلك إخفاء مشاعرنا ودفنها في قبور حديثنا الضمني. قد نرى مراهقًا أمضه الحب الشغوف يقول ببساطة عن التي يحب “تلك الفتاة لابأس بها”، بينما ينضح قلبه بالحب في أناقة ورقة. يتجنب الناس عادة عن الكشف عما يقصدونه من وراء كلامهم، أو أن حديثهم يكشف القليل عن المعنى الذي يقصدونه تمامًا. لاحظ بدقة كيف تتجادل أنت ومن حولك. كم مرة تجادلت أنت مع من تحب حول أمر بسيط مثل تغطية علبة معجون الأسنان، بينما يكون الدافع الحقيقي لذلك الجدال هو طريقة إنفاقكم للمال؟ وكم مرة سبق لك أن انتقدت طريقة تسريحة أطفالك أو لباسهم ولكن ما أثارك حقًّا هو نوعية الأصدقاء الذين يصاحبونهم؟

من المهم أن تتذكر أنّ النص الضمني هو نوع من الاحتباس العاطفي لا يمكن له أن يدوم على مدار قصتك. ففي نهاية الأمر يجب الكشف عن لب ذلك الصراع الحواري ومواجهة المشاعر المكبوتة وإخراجها، وتلك المواجهة والكشف هو ما ينتظره القرّاء بفارغ الصبر.

خلال العشرين دقيقة القادمة ، اكتب مجموعة من الحوارات التي تحتوي على معاني ضمنية وتوترات مخفية، مستعينًا بالأفكار أدناه. ستود بالطبع أن يشعر القارئ بأن هنالك شيء لا يقال، شيئًا مخفيًّا يتربص تحت سطح المحادثة. لذلك اترك بعض الأدلة مثل الجمل الناقصة، والتوقفات المفاجئة، وبعض الردود العاطفية التي لا تتناسب مع المحادثة، أو مشاعر إضافية تزيد عما ينبئ به ظاهر الحوار.

شخصيتان تتجادلان حول عدم التوزيع العادل لأعمال البيت.
النص الضمني: إحدى الشخصيتين تشعر بأن الأخرى خائنة.

شخصيتان تتجادلان حول إمكانية فوز فريق شيكاغو بولز في التصفيات النهائية.
النص الضمني: أحدهم قد بدأ في المتاجرة بالمخدرات.

شخصيتان تتجادلان إذا ما كان الألماس هو عبارة عن استغلال للعمالة السوداء أو تعبيرًا عن الحب.
النص الضمني: الشخصيتان تعيدان النظر في أمر خطوبتهما.

اقرأ الحوار الذي كتبته. هل أسست شعورًا واضحًا لوجود توتر ما؟ شيئًا يكشف عنه لاحقا؟

اكتب لعشرين دقيقة أخرى، مضيفًا تفاصيل أكثر للمشهد ومحررًا النص الضمني وكاشفًا عن التوتر الذي كان خافيًا. على سبيل المثال، تتهم الزوجة أخيرًا زوجها بخيانته لها علانية، أو يواجه الصديق صديقه بشأن استعماله للمخدرات. وقد يحوي حوارك حلا للعقدة وقد يتركها معلقة. ومن المحتمل أيضًا أن يتراجع التوتر وينسحب ليكون نصًّا ضمنيًّا.  في خضم شك المرأة في إخلاص حبيبها، قد تختم حوارها بالجملة التالية “إنه دورك في تنظيف الحمام”.

وأكثر ما يميز النص الضمني هو أن ذلك التوتر المخبأ دائمًا ما يظهر على السطح. ومثله مثل التطور الذي يدفع بالحبكة إلى الأمام، فإن صعود التوتر وانكشافه على السطح هو ما يشعل حماس القارئ ويجعله يكمل القراءة.

اقرأ المشهد بالكامل بصوت مرتفع. ماذا يمكنك أن تفعل من أجل جعله أفضل؟ هل اللغة وأسلوب كتابتها صادقٌ وأخّاذ؟ هل عندما يتم الكشف عن التوترات الضمنية يحدث تغيير في الشعور بصورة درامية؟



المصدر تكوين

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads