أن يكون الحلم بعيدا
تصدح به المواويل
يحدث أحيانا
أن تصبح الأماني جيادا
ليمتطي كل عاجز مشلول
يا وطنا بعدت عنا شقته
وأصبح الفاصل بيننا وبينه
الف أمنية وألف جيل
لماذا كلما اقتربنا تبتعد
يا وطنا
لم أره إلا كسائح غريب
يعتمر قبعة
ويرتدي بنطالا قصير
يصور أنحاء غُيرت أسماؤها
وأرضا غُيرت تضاريسها
وطيورا غُيرت أغنياتها
غُيِّر كلُ ما فيها
لكن كرومها التي خرجت
من سر أسرار التراب
ابت أن تتغيرَ
أو تشفى من الحنين
جعلوا عليها نواطيرا بألف عين
وألف ذراع تلتف حول المتسللين
ممن يتوقون لقطوفها
وعصيرها الذي تعتق من سنين
وغدا لذة للشاربين
من كل اصقاع الأرض
إذا أتوها سائحين
وليسوا بعاشقين
التراب يخبئ سره في رحمه
والسر لا تغيره السنون
زارها جدي كسائح
واختلفت عليه الديار
تلمس طريقه حتى اهتدى
إلى مهد طفولته
كل شيء فيه اختفى
وغطاه زهر الليلك الهجين
ولولا اقحوانة في الزاوية
لظن أنه مخطئ
وعاد بصور خاوية
لا زال بيننا وبين الحلم
مفازات شاسعة
وليل يزداد حلكة وأنين
قريب هو كالوريد
لكنه بعيد بعيد
لأننا لا نعرف بعد
أين بوابة الوطن السليب
وأي درب من الأحزان
ما سلكناه من قبل
لعله يأخذنا إليه
كعاشقين
وليس كسائحين
