الرئيسية » » الكاتب المؤيد للإنقلاب ! | جمال الجمل

الكاتب المؤيد للإنقلاب ! | جمال الجمل

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 18 أبريل 2017 | أبريل 18, 2017

 !!الكاتب المؤيد للإنقلاب

قد يتساءل البعض مستنكراً: لماذا أكتب في "الجزيرة"؟

ولأنني من هواة الصراحة حتى حدود الصدمة أرد على السؤال بسؤال: ولماذا لا أكتب في "الجزيرة"؟
جمال الجمل

(1)
تعودت بعض المواقع الإخوانية، أو المتعاطفة مع تجربة حكم الرئيس محمد مرسي على وصف خصومها السياسيين بصفة "الكاتب المؤيد للإنقلاب"، وتبدو هذه المواقع مصممة على تقسيم الكتاب، وربما الناس جميعا، إلى صنفين: صنف مؤيد للشرعية، وهي عندهم شرعية الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي أسقطته "مؤامرة"، يجب إدانتها وإدانة كل من شارك فيها، وهؤلاء بلا أي تمييز هم "الصنف الثاني"، وبرغم معارضتي الصريحة للنظام، إلا أن بعض هذه المواقع مازال يستبق اسمي بصفة "الكاتب المؤيد للإنقلاب"، وكأنه يجبرني على موقف لا تعبر عنه كتاباتي ولا ممارساتي!
(2)
لا أكتب هذا المقال لأدافع عن موقف اتخذته بقناعة تامة، ولا تعبيراً عن ضيقي من مثل هذه التصنيفات التي تصطنع عداوة مجانية مع "المخالفين" بحجة الفرز ومعرفة الأعداء من الأصدقاء، لكنني أكتب لكي أتجاوز صيغة التقسيم والتصنيف، والتي تضر بمستقبل أي مشروع سياسي يطمح لقيادة جماهير تختلف، بطبيعة الحال، في مشاربها وفي توجهاتها، والسؤال هذه المرة: إذا كان "إعلام الإخوان" بهذا القدر من "الثأرية" والتصنيف، وضيق الصدر في التعامل مع المعارضين، فما هو الفرق إذن بينه وبين "إعلام ابو هشيمة" ومن وراء أبو هشيمة؟!
(3)
قد يتساءل البعض مستنكراً: لماذا أكتب في "الجزيرة"؟.
ولأنني من هواة الصراحة حتى حدود الصدمة أرد على السؤال بسؤال: ولماذا لا أكتب في "الجزيرة"؟.. وفي أي مواقع أخرى تحترم كلمتي ولا تصادر رأيي؟.
قد يرد المتسائلون: لكن الجزيرة إعلام متربص يعادي مصر؟
وأرد أنا الآخر مؤكدا أن إعلام السيسي والمهيمنين عليه يعادون مصر أكثر، ويسيئون إليها أكثر، وأنا ككاتب يعنيني أن تصل كلمتي للقاريء بدون حذف أو منع، ولما كان ذلك مستحيلا في مصر بعد سنوات عانيت فيها من المنع والتضييق، فما الذي يمنع أن أكتب في أي مكان يحترم حريتي ولا يصادر رأيي؟، وأنا في النهاية مسؤول عما أكتب، وليس عن بقية المحتوى في المواقع التي تقبل نشر رأيي كما كتبته.
(4)
من غير أي اعتبار للشتائم المتوقعة والاتهامات الجاهزة للكتائب الإليكترونية الموالية لأنظمة التكميم، أقول بشكل مباشر: إن حيلة التوسع والانتشار خارج أسوار الحصار، ليست هي الدافع الأكبر وراء إطلالتي من هذا المنبر، لكنني (وبكل صراحة) فكرت في "نقلة جديدة" تترجم دعوتي التي أعمل عليها الآن لتأسيس "سلطة المواطنة"، فقد خاب الرهان على الأنظمة العربية مجتمعة ومنفردة، ولم يعد هناك أمل إلا الرهان على الشعوب.. يجب أن نسعى لتحقيق مفهوم "الشعب" بمعناه السياسي المعاصر، وهذا يقتضي أن نقفز فوق الأسوار القديمة للتقسيمات العقيمة التي تفرق بين المواطنين بحجج أيدلوجية وحزبية، يجب أن نعيد ترتيب أجندة القوى السياسية التي توقفت مشاريعها عند هدف "اقتناص سلطة الحكم"، وليس تطوير المجتمعات وفق أحدث المعايير  المرتبطة بالتعريفات الحديثة للدولة ودورها، والتي تركز على واجبات المواطن كدافع للضرائب وممول للأنظمة، مقابل حقوق واضحة له كصاحب للأرض، ومصدر للسلطات، وأقولها بكل وضوح: إن هذا الخيار هو الذي يدفعني بأمل كبير، للاقتراب خطوة كبيرة من جمهور الإسلام السياسي، وفي القلب منه الإخوان.
(5)
لا أهتم كثيراً بالتواصل مع "الإخوان" كتنظيم، لأنني أميل إلى فكرة أن القاعدة هي التي يجب أن تحكم القمة، بمعنى أن أي سلطة تكتسب مشروعيتها من تلبية طموحات وىمال جمهورها، لهذا لا يعنيني أن أطرح "مبادرات فوقية" لمصالحة بين قيادات الإخوان وبين السلطة الحاكمة، لكن يعنيني "المصالحة الاجتماعية" والتعامل بين "الإخواني وغير الإخواني" على أرضية المواطنة، وليس على أرضية العضوية التنظيمية، يهمني أن نؤسس وطناً عصريا، ثم بعد ذلك نختلف في أهواءنا ونتنافس في طرق الإدارة ومشاريع الوصول إلى السلطة وإدارة البلاد، لأن الثورة ضاعت من أيدينا "مرتين"، وأعرف تماما أن هذه الكلمة تغضب قطاعا كبيرا من الإخوان، لكنني أهتم بالعقل والمستقب أكثر من اهتمامي بالغضب الإنفعالي والماضي، وأؤكد أن 25 يناير كانت ثورة تمت سرقتها، و30 يونيو أيضا كانت ثورة تمت سرقتها واستخدامها في القضاء على ما حققته 25 يناير نفسها، وهذا يعني أن الثورة لو حدثت لمرة ثالثة أو رابعة، فإننا (كشعب) لا نملك أي ضمانة لكي تستمر، وبالتالي فإن بناء "سلطة المواطنة" هو الضمانة، وليس "سلطة الجماعة" أو "سلطة الحزب" أو "سلطة البندقية" أو سلطة المال  وسلطة عصابات الهيمنة والتجويع والإفقار... لقد آن الأوان لنصنع الثورة من قاعدة المجتمع وليس من القصر.
(6)
إن رغبتي في الاقتراب من الإخوان، ليست "تحالفا سياسيا مؤقتا"، بل "مشروع حضاري"، وليست نكاية سياسية ضد نظام أعارضه، فالمستقبل المنشود لن يتحقق بالنكايات والمكايدة، لكنه يتحقق بتجاوز الخنادق الفكرية والحزبية إلى فضاء أوسع نتساوى فيه كمواطنين في حقوقنا وواجباتنا تجاه الوطن، وهذا يعني أنني أسعى للاقتراب من الإخوان، ومن السلفيين، ومن الليبرالليين الوطنيين، ومن تيارات اليسار، ومن المواطن الرافض للتسييس، لكي نعيد ((معاً)) صياغة مفهوم "الشعب" بدلا من مفهوم "الرعية"، ولكي نعيد توصيف الحاكم كموظف عام،  وليس كأب، أو "زعيم مقدس"، ولكي نحسم وظيفة الجيوش كقوة حماية على الحدود، وليس كمؤسسة حكم وسياسة.
(7)
لم تكن لدي رغبة للصدام مع مشاعر أي إخواني، ينتظر عودة الرئيس مرسي، ويعادي كل ما تلاها، لكنني لن أسامح نفسي إذا استخدمت لغة المجاملات في وقت يجب أن نتصارح فيه بشفافية، وأن يدفع فيه كل طرف برضا وطيب خاطر ثمن أخطاءه، وربما (بقسمة الغرماء) يضطر لدفع نصيبه من ثمن أخطاء الآخرين، لقد أهدرنا الثورة جرياً وراء السلطة، فلم نحافظ لا على الثورة ولا على السلطة، وكلنا مخطئون، لأننا باعتراف شجاع، لم نكن مستعدين ولا مخلصين بما يكفي، والدرس المستفاد من هذه الأخطاء الكبرى، يتخلص في ألا نقيم حوائط مبكى للماضي، بل نجهز أنفسنا لمواكب المستقبل، وهذا يقتضي أن نصطف معا بلا ضغائن، وأن نتخلص من ميراث الثأر لمواقف جرفتها الأحداث، فمصر الحقيقية تئن الآن في المدن والقرى والنجوع، بانتظار قدر جديد يحررها من مظالم السلطة المركزية لمماليك السيف، ومن أمراض المتشبهين بهم.. لكن الاستئثار والاحتكار والانفراد بالحكم، وقمع الناس بقوة التخويف والبطش، أساليب انتهت صلاحيتها في هذا الزمن، ولن تنجح مهما توهم البعض، ولكي لا يأخذنا الفشل إلى الفراغ.. علينا أن نستعد.
(8)
فهل آن الأوان لتتقدم مصلحة الناس على مصالح الأحزاب والجماعات والميليشيات ورجال المال وقبضايات السلطة؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن نفكر فيه، كي لا نخسر الشهداء، ونخذل الأحياء.



الجزيرة  مباشر فى الاثنين 17 أبريل 2017
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads