كذبت المراهنات ولو صدقت | جمال المراغي

Written By هشام الصباحي on الأحد، 11 أكتوبر 2015 | أكتوبر 11, 2015

أعلنت الأكاديمية السويدية في الثامن من أكتوبر عام 2015 عن حصول كاتبة روسيا البيضاء "سفيتلانا ألكسيفيتش" علي جائزة نوبل في الأدب لهذا العام التي تحمل الرقم 108 ولتكن هي الفائز رقم 112 والمرأة الرابعة عشر التي تفوز بها، ورقم 88 أوروبيا والسادسة للغة الروسية حيث كان أخر من يكتبون بها وحصل علي الجائزة الروائي السوفييتي المعارض " ألكسندر سولجنيتسين" عام 1970.
وسفيتلانا كاتبة روائية وصحفية مناضلة تبلغ من العمر 67 عاما، ولدت ولدت بمدينة ستانيسلاف لأب من بلاروسيا وأم أوكرانية، وتخرجت من المدرسة حي بيتريكوف الثانوية بمنطقة جوميل الشرقية، تركت الدراسة لفترة نظرا لظروف أسرتها بعد تسريح والدها من الجيش، قبل أن تتخرج من كلية الصحافة بجامعة باكو الحكومية ثم عملت لفترة وجيزة معلمة لمادتي التاريخ واللغة الألمانية التي تجيدها في مدرسة حي موزير.
استهلت حياتها الصحفية كمراسلة بأحد الصحف المحلية، قبل أن تهتم بعمل المقابلات والتحقيقات والسعي وراء كشف الغموض التي يشوب الكثير من الأحداث التاريخية وخاصة خلال فترة الاتحاد السوفيتي وما بعدها، وكان هذا الشغف مدخلها للكتابة الروائية التي لا تبتعد في مضمونها عن هذا الفكر ولم تنكر أنها بكل جوانحها كانت ومازالت سوفيتية.
وبدأت رحلتها مع الكتابة مبكرا جدا وكانت في السابعة عشر من عمرها من خلال القصص القصيرة التي أستمرت معها وعمل تقرير عن أهل القرية التي كانت تعيش فيها، وكان دائما ما يغريها أي شخص أو حدث مبهم فتذهب بحاستها الاستقصائية خلفه وتجمع عنه كل ما أمكنها من معلومات ثم تضعها في قالب روائي متماسك، ومن هنا جنحت إلي الرواية ووجدتها تتوج ما عملها وجهدها.
ولهذا تضمنت كتاباتها المختلفة الالاف من المقابلات التي أجرتها بالفعل مع نساء وأطفال ورجال في يمثل عرضا استقصائيا لتاريخ البشر، وبحسب ما قالت السكرتيرة الدائمة للأكاديمية السويدية فإنها ابتكرت نوعا جديدا من الأدب يجعلها كاتبة غير عادية وما مرت به يجعل نموذج تام للمعاناة والنضال والشجاعة.
ومن أهم كتبها التي تعبر عن نهجها ورؤيتها "أصوات من تشيرنوبل" عام 1997 والذي أجريت فيه أكثر خمسمائة مقابلة مع شهود عيان علي الكارثة النووية من رجال إطفاء ، وأعضاء في فرق التنظيف، وسياسين وعلماء فيزياء وأطباء ومواطنيين عاديين، واهتمت فيه بكل ما يتعلق بالمأساة النفسية والشخصية لحادث تشيرنوبيل، واستكشاف تجارب الأفراد وكيف أثرت الكارثة علي حياتهم.
ومنها أيضا كتاب "أبناء الزنك" عام 1989 وهو علي غرار كتاب تشرنوبل يعتمد علي مقابلات تسمع فيها أصوات السوفيتيين الحقيقيين وتكشف الوجه الحقيقي لهذه الفترة في تاريخ بلادها، وكانت قد استهلت مسيرتها في الكتابة برواية بدأت فيها نهج "أدب المقابلات" وعنوانها " وجه غير أنثوي للحرب" عن الحرب العالمية الثانية عام 1985.
فوز "سفيتلانا" أخرج صديقها السياسي "أندريه سانيكوف" عن صمته ومقاطعته للصحافة حيث صرح" كنت قلقا للغاية، فهذا الإجماع علي ترشيحها يمكن أن يتسبب في حرمانها من جائزة تستحقها، وهي إنسانة ودودة للغاية، عميقة في تفكيرها ومثيرة للاهتمام، مخلصة للناس ولكتاباتها بشدة، وللأسف الشديد فهي من النوعية التي لا تحظي بشعبية كبيرة في روسيا وروسيا البيضاء رغم أنها تكتب بالروسية ولكنها أكثر شعبية في بولندا، قيل أنها ابتدعت نوعا من الكتابة الوثائيقة الروائية، ولكنها تنكر هذا دائما، ولا تحبذ توصيف ما تكتب وإدراجه تحت باب نوع معين".
وباختيار الصحفية البلاروسية للجائزة حققت الاكاديمية السويدية ما كان يرجوه البعض وألا يظلم من تذهب إليه المنتديات والصحف والمراهنات، ولأول مرة يحصل المتصدر الذي اتفقوا عليه جميعا علي الجائزة حيث تصدرت سفيتلانا جميع تكهنات المنتديات وترشيحات صحف مثل الوول ستريت والجارديان وغيره.
وتصدرت كذلك سباقات شركات المراهنات الكبري وخاصة البريطانية والأمريكية والتي ستخسر بالطبع بعض المال ولكنها ستربح سمعة وشهرة واسعة وستبني علي هذا الحدث بعضا من خططها الدعائية في الفترة القليلة القادمة، وصدقت توقعات الأسوشيتد برس والواشنطن بوست والنيويورك تايمز في رسم الملامح جزئيا، فجاء الفائز إمرأة وتعمل في الصحافة ولكنها ليست أوروبية، ورغم هذا الانقلاب المفاجئ في صدق التكهنات والمراهنات ولكنها ستظل كاذبة بشكل عام وحتي إشعار أخر.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads