الرئيسية » , , » تقنيات الكتابة.. وملء الفراغات

تقنيات الكتابة.. وملء الفراغات

Written By هشام الصباحي on الخميس، 3 سبتمبر 2015 | سبتمبر 03, 2015

    ما زلت على يقين بأنّ الإبداع لا يُدَرَّس ومع ذلك فأنا أميل إلى أن تقنيات الكتابة علم له أصوله ومناهجه المختلفة.

وقد قرأت رأياً جميلاً يرجّح كفة هذا الرأي مفاده أنّ فن الكتابة وتقنياتها أنتجتا فنّاً مخططاً له سلفاً. وقد أصبح فن الكتابة يدرس ضمن التقنيات الفنية، وأصبحت له اتجاهات ومدارس، بل إن بعضهم ذهب بعيداً في هذا القول بأن فن الكتابة لم يعد يحوي إلا القليل من الإيحاء، أما الباقي فيعتمد على قرار مسبق قوامه التخطيط والمتابعة، وهو أكثر شبهاً بملء الفراغات.

قبل فترة قرأت عن محاولات جميلة في تعليم "فن الرواية" عبر ورش عمل في دولة الكويت، وبعيداً عن تقويم التجربة وأثرها وفاعليتها وكذا منظميها ومقدّميها إلاّ أنها في النهاية عمل يستحق الاحتفاء. في النهاية نحن بدأنا نتيقّن من أهمية تعليم الكتابة وتعريف محبّي هذا الفن بأصوله وأساسياته سيما وأننا نشهد فوضى كتابية في كافة المجالات سواء الأدبية أو الاجتماعية أو غيرها من التعاطيات المرتبطة بالإنسان والمكان.

ولعلّ من المفيد الإشارة إلى أن المكتبة العربية تكاد تخلو - وفقاً للدكتور رعد عبدالجليل - من أنماط الكتابات سواء في القصة أو الرواية رغم شيوعها في اللغات الأخرى، إذ لا يزال من الكُتّاب من يتناول كتابة القصة باعتبارها قصيدة شعرية يمكن أن ينجزها في جلسة واحدة وفي ليلة واحدة.

ولعلنا نتفق أن قراءة مثل هذه المقالات التي تتناول الفن الكتابي وإن كانت لا تمنح الإبداع إلا أنها حتماً ستجعل العمل الكتابي مشدوداً ومحكماً وخلواً من الترهّل والحشو الذي يعانيه جُلّ الأعمال السردية.

الحديث عن الكتب التي تناولت النصائح المختلفة من كبار الكتاب والروائيين الأفذاذ كثيرة ولا حصر لها ومن أهما (رسائل إلى روائي شاب) وهي عبارة عن اثنتي عشرة رسالة بعثها الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا إلى كاتب شاب أو كتابات أمبرتو إيكو وغيرهما كثير لا مجال لسردها هنا.

من الكتب المهمة التي أرى أنها ضرورية لأي كاتب ناشئ كتاب "تقنيات الكتابة" فهو على صغر حجمه إلا أنه ثري وعميق فهو يمثل خلاصة تجارب أساتذة في فن القصّ وتقنيات الكتابة.

وقد جاء هذا الكتاب وفقاً لمترجمه تلبية لحاجات عديدة أهمها أنها تقدّم للقارئ العربي الفرصة للاطلاع على تلك الاتجاهات وتقدم له طريقة مثلى في الكتابة الإبداعية القصصية والروائية.

وتحول عملية الكتابة من كونها هماً مثقلاً بالأوهام والتشوش إلى منهج علمي يضع في اعتباره العلائق الكامنة في داخل العمل القصصي والروائي، تجعل الكاتب مشخّصاً لما يكتب، مكتشفاً لهفوات، ونقاط الضعف، وبالتالي تلقي الضوء على ما يجب أن يبقى في لُحمة العمل وما يجب استبعاده.

وقد حرصت مقالات هذا الكتاب على التأكيد أنه إذا كان بعضهم يعتقد أن الكتابة القصصية والروائية ضرب من المصادفة التامة، فذلك الظّن غير دقيق؛ لأنّ العمل القصصي والروائي عمل مخطط له بدقّة في جميع تفاصيله وحركيته.

طبعا الكتاب عبارة عن محاضرات عن الحبكة والرواية والتداعي وغيرها من العناصر المستخدمة في القص، ويلفت المترجم إلى أنّ أهمية الكتاب تأتي من كونه يقدّم فرصة لورشة الكتابة والمعنيّين بها لامكانية تطبيق ما ورد بها من خلال استخدام نماذج عربية في القصة والرواية والتعرّف إلى مكامن القوة والضعف، أي أن المقالات يمكن أن تتحوّل إلى باروميتر لقياس مدى صحّة وعافية القصّ إضافة إلى إمكانية إخضاع أي نموذج عالمي معروف لاكتشاف القيمة الفنية التقنية الكامنة فيه. ويراهن المؤلّف في عرضه لهذا الكتاب قائلاً: "لا يوجد في عالم القص اليوم عمل كُتب له النجاح ولم يستند الى المعطيات التي تم تقديمها في هذه المقالات".

من عنايون المقالات: كيف تنهي دائماً ما ابتدأت به، قوة الحبكة الساخرة، صوت السُّلطة، شركاء الحبكة، مراقبة الإيقاع، اصدقاؤك في عملك الروائي، الأطر الخمسة لمقالاتك وغيرها.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads