منذُ أولِ آدمَ، ذاكَ الذي تلقى الليلَ | |
و النهارَ و تعرّفَ على شكلِ يدِه | |
و الرجالُ يختلقونَ القصصَ، و ينقشونَ | |
على الصخرِ، و المعدنِ، و الأوراقِ | |
كلُ ما يحويه العالمُ أو تختلقهُ الأحلامُ. | |
ها هنا ثمرةُ جهدِهم: المكتبة. | |
يُقالُ أنَّ ثروةَ المجلداتِ التي تحويها | |
تفوقُ عددَ النجومِ و حباتِ | |
الرملِ في الصحراء، وأنَّ الرجلَ الذي | |
يحاولُ قراءتها جميعاً، سوفَ يفقدُ | |
عقلَهُ، و يفقدُ فائدةَ عينيهِ الجريئتين. | |
ها هُنا ذاكرةُ القرونِ العظيمةُ | |
ذاكرة السيوفِ و الأبطالِ، | |
رموز الحسابِ المُختصرةُ | |
المعرفةُ التي تتخيلُ الكواكبَ، | |
و تحكمُ القدرَ، قوى | |
الأعشابِ، و النقوشاتُ الطلسميةُ، | |
الشِعرُ الذي يُخلّدُ لمساتِ العشقِ، | |
العلمُ الذي يفكُ شفرةَ | |
المتاهةَ الوحيدةَ لله، الدينُ، | |
و الخيمياءُ التي تطمحُ إلى تحويلِ الصلصالَ ذهباً | |
و كلُ رموزِ الوثنيةِ. | |
يقولُ الكافرونَ أنها لو احترقتْ | |
فسيحترقُ التاريخَ معَها، هم مخطئون. | |
عملُ البشرِ غير المتوقفِ أثمرَ عن هذه | |
اللانهائيةِ من الكتبِ. و لو أنها كلها | |
لم يبقَ منها أيّ كتابٍ، لاستطاعَ الانسانُ | |
أن يتلقى كلَ صفحةٍ منها و كلَ سطر، | |
كلَ عملٍ، و كل عشقٍ لهرقلَ | |
و كلَ درسٍ في كلِ مسوّدة. | |
في القرنِ الأولِ من الهجرة | |
أنا، عمرُ الذي أخضعَ الفرسَ | |
و الذي فرضَ الاسلامَ على طولِ الأرضِ | |
آمرُ جنودي أن يحرقوا | |
بالنارِ تلك المكتبةِ الغزيرة | |
التي لن تفنى. كلُ الحمدِ مذخورٌ | |
للهِ الذي لا ينامُ، و الصلاةُ على الرسولِ محمد. | |
* | |
ترجمة: عدي حربش |
الرئيسية »
» الأسكندرية، 641 بعد الميلاد | خورخي لويس بورخيس / Jorge Luis Borges |
ترجمة عدي حربش
الأسكندرية، 641 بعد الميلاد | خورخي لويس بورخيس / Jorge Luis Borges | ترجمة عدي حربش
Written By هشام الصباحي on السبت، 8 أغسطس 2015 | أغسطس 08, 2015
0 التعليقات