الرئيسية » » هنا يتمدّد رجلٌ متعب | أتيلا يوسف

هنا يتمدّد رجلٌ متعب | أتيلا يوسف

Written By Lyly on الأربعاء، 1 أبريل 2015 | أبريل 01, 2015

قلبٌ نقي
لا أب لي، ولا أم،
ولا وطن، ولا رب،
ولا مهد، ولا كفن،
ولا عشيقة، ولا قُبَل.

ثلاثة أيامٍ مرّت دون أن آكل
لا كثيراً ولا قليلاً.
سنواتي العشرون قوتي
سنواتي العشرون أبيعها

إن لم تجد مَن يشتريها
فليأخذها الشيطان.
بقلبٍ نقي أخلع الأبواب،
وعند الضرورة، سأقتل أحداً.

سيقبضون عليّ ويشنقوني،
يمدّدونني في أرضٍ مقدسة،
فتنبت على قلبي البهي
عشبة الموت.


الجوع

تتوقف الماكينة. الغبار الذي تلفظه
يدور مثل ضبابٍ خريفي،
ويحطّ على الرؤوس المنحنية للرجال
الذين يأكلون الآن. القمصان التي يعلوها الوسخ

تبرد على أكتافهم. غداؤهم
قليلٌ من الخبز والخيار. يلتهمون ويلتهمون
هكذا يأكلون. لا يتركون كسرةً تضيع.
بنهمٍ يغرسون أسنانهم في هذا القليل.

لا يأبهون لمرور الوقت،
عمليات القرض تتدافع
وبشهيةٍ كل لقمة تُعلك

ما زالوا بصحةٍ جيدة
يبتلعون ويعلكون الغبار ورائحة التبن
يأكلون، يأكلون، ولا يتحدّثون.

 

شتاء
يجب أن نشعل ناراً كبيرة
كي يتدفأ الناس.

يجب أن نرمي في النار كل شيء، العتقيات
اللُعب الجديدة والقديمة
المكسورة والسليمة ـ يا للعبة القط الجاثم في الأعالي!
ونبعثر داخلها
كل ما يبدو جميلاً
ومن ألسنتها الحارقة يتعالى نشيدٌ
يمسك فيه جميع أبناء البلد أيدي بعضهم بعضاً.

يجب أن نغذّي ناراً كبيرة
لأن المدن والحقول مجلّدة
يجب اقتلاع مقابض المستودعات المتجمدة
كي تمنحنا هذه النار دفئاً عظيماً.

نعم، يجب أن نغذّي ناراً كبيرة
كي يدفأ الناس قليلاً!

 

الرجل المتعب
إلى داره، عَبْرَ الحقول، 
يرجع فلاحٌ صَموتٌ وقور.
ممددان جنباً إلى جنب، أنا والنهر،
تحت قلبي ينام العشب الغضّ.

يسيّر النهر أمواجه الواسعة والساكنة،
يصبح عبئي من الهموم ندى؛
لا رجل، لا طفل، لا هنغاري، لا أخ،
هنا يتمدد رجلٌ متعب فقط.

المساء يوفّر السكينة،
إنها خبزٌ ساخنٌ أنا منه جزءٌ،
السماء أيضاً ترتاح على سطح نهر "ماروس"
والنجوم على جبيني تأتي للجلوس.

 

فتيات في سن الثامنة
بصفوفٍ طويلة، يأتين ويرحلن،
شيطانات صغيرات ومع ذلك قديسات،
نضرة جباههنّ، مثل خبزٍ ساخن
عيونهنّ من جمرٍ متّقد، من فحمٍ داكن

بصفوفٍ طويلة، يأتين ويرحلن،
قصص حبّهن مثل الزهور،
هكذا يحببن الصِبْية
مثل لآلئ الزنبق في الحقول.

بصفوفٍ طويلة، يأتين ويرحلن،
يضحكن حتى حين يبكين،
إنهنّ بعيدات، بعيدات،
مثل النجوم في السماء!

 

نزهة الرجل الفقير
ـ أنت، الفقير، كم تريد مقابل هذا المهد؟
ـ الطفل ما زال صغيراً، كيف أبيع المهد؟
ـ أنا ملك، لدي سلطة وجبروت
إن رفضتَ، سآخذه بالقوة

الفقير، مع الأسف، لا يملك سلاحاً
بينما الملك يأمر جيشاً،
لذا، في البحيرة يرمي الفقير المهد
ثم يرمي الطفل معه.

يبكي الفقير ويضحك في السجن
لأنه يعرف في سجنه
أن الطفل غادر عالم الأشرار
وهو الآن في مكان أفضل، أي في بلد الأمواج.

 

هذا ليس صراخي
هذا ليس صراخي، إنه هدير الأرض،
انتبه، انتبه، إبليس صار مجنوناً،
احتمِ في عمق الينابيع الصافية،
التصق بالزجاج،
اختبء خلف بريق الماسات،
بين الحجارة، في قلب الحشرات،
اختبء في الخبز الطالع من الفرن،
يا مسكين، يا مسكين،
مع زخّة المطر، تغلغل في الأرض
عبثاً تغوص في نفسك
لا يمكنك أن تغسل وجهك إلا بالآخر
التحِق بعِرْق العشب الناعم
وستكون أكبر من محور الكون.
أيتها الآلات، العصافير، الأوراق، النجوم!
أمّنا العاقر تتوسّل الإنجاب،
يا صديقي الرقيق، يا عزيزي،
رهيباً كان أم رائعاً،
هذا ليس صراخي، إنه هدير الأرض.

 

يوسف أتيلا
يوسف أتيلا، صدّقني، أحبّك كثيراً،
وهذا الحب من أمي، مباركة هذه المرأة القديسة،
لقد أنجبتني
عبثاً نعتقد أن الحياة مصبغةٌ أو حذاءٌ،
هكذا لن نتمتّع بها
ثلاث مرّات في اليوم يدّعون إنقاذ العالم،
لكنهم لا يعرفون إشعال عود ثقاب،
وإن استمر ذلك، لن أكترث للأمر
سيكون من الجيد الحصول على بطاقة سفر للرحيل
نحو ذاتنا، أي إليكم، هذا أكيد
كل صباح، أغطّس أفكاري في الماء البارد
كي تبقى نضرة وسليمة
من الماسة ترتفع أناشيد عذبة وحارّة
إن زرعناها تحت قلبنا
ثمّة من يسير على قدميه، سواء كان ممتطياً حصاناً،
أو في سيارة أو طائرة،
أنا أتسكّع في نشيد القبّرة الصباحي،
محلّقاً فوق أكثر من هاوية
أرواحنا الحقيقية، يجب أن نعتني بها
كما نعتني بثياب الأحد،
كي تبقى جاهزة
ليوم العيد.

 

* ترجمة عن الفرنسية: أنطوان جوكي

أتيلا يوسف: هذا ليس صراخنا 



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads