الرئيسية » » نُقَّارة في يد المجذوب | فتحي عبد السميع

نُقَّارة في يد المجذوب | فتحي عبد السميع

Written By كتاب الشعر on الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014 | ديسمبر 02, 2014


نُقَّارة في يد المجذوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتحي عبد السميع

فمكَ
عيناكَ معنا
لكنك مع ساقك المبتورة
وهي تنام وحيدة مع غرباء
جاءوا بكامل أعضائهم.
هل تحسدها
لأنها سبقتك إلى رؤية الملائكة ؟
أَم تخشى نداءها على أشقَّائها ؟

ماذا ستفعل الآن
بالفراغ الذي
بتروا ساقك اليمنى
وتركوه ينبض
مثل نقَّارة في يد المجذوب ؟

ألستَ معي
في أنها مأساة معقولة
لرجل ربط حياته بفن الحزن؟
يدور على البيوت الطينية
وكلما عثر على عجوز تُكلم الموتى
وضع فمها في جرابه ؟

ستحتاج إلى عكَّاز يا صديقي
لا لتتوكّأ عليه
بل لتهشّ به الناموس
وهو يمدُّ خراطيمه
في فراغ بحجم ساق نحيلة
يتمدَّد بالقرب منك
يحكي ولا يسمعه سواك
وكلما تحرَّكتَ قليلا
يفعل مثلما تفعل
لكنه يصير حفرة
حين تهمُّ بالوقوف .

كنت راقداً حين دخلنا
وكان من الذَّوق فتح أفواهنا
لتظهر دهشتنا أمام بنطلون
نِصْفه عَفِيٌ وينتهي بأصابع
والآخر ذابلٌ
يتلاشى في ملاءة السرير،
كان مِن الذَّوق أن نسوق ملامحنا
في مظاهرة ضدَّ قسوة الحياة ،
وكأننا نفعل شيئا بحياتنا
سوى النظر إلى أعضائنا وهي تذبل

طرفُ بنطلونكَ النائم
مثل راية منكَّسة
ينظر إلي ويهمس :
لا فراغ في العالم
لا فراغ إلا في النفوس المعطوبة.

ماذا ستفعل الآن
بقطعة من جسدكَ
جرَّدها الطبيبُ من اللحم والعظم
وترك دمَها يجري
في بالوعة المستشفى ؟
جرَّدَهها من كلّ شيء
إلا المشاعر والذكريات
يا له من طُعْمٍ جيدٍ لاصطياد الروح
كم سيأخذكَ إلى عمَّار الفراغ
وصُحبةِ ما لا يقبَل الحَشر
في كلمات وتماثيل .



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads