الرئيسية » » مختارات من ديوان يوميات العبد على حافة بئر الأميرة | عبد المقصود عبد الكريم

مختارات من ديوان يوميات العبد على حافة بئر الأميرة | عبد المقصود عبد الكريم

Written By كتاب الشعر on الجمعة، 17 أكتوبر 2014 | أكتوبر 17, 2014










يمكن للشاعر

ربما يمكنُ للشاعرِ أنْ يكتبَ عن أشياءَ جمةٍ
أو يكتبَ، على الأقلِّ، عن شىء واحدٍ
ربما يكتبُ، مثلا، مرثيةً لعفيفى مطر، وقد اكتمل به طابور الشعراء الموتى
أو قصيدةً عن عضو الزمن
(جُنَّ به أخيرًا):
ما عضْوُ الزمنْ؟
ما الزمنْ
إذا كان لكل خليةٍ زمنْ،
لكل امرأةٍ زمنْ،
لكل رجلٍ زمنْ،
وربما حتى لكل زمنٍ زمنْ؟

ربما، لدهشته، يستطيع، رغم أنف الزمن وأنصاره الحمقى والبلهاء، أن يكتبَ قصيدةً رومانسيةً عن الحب
ربما
ركام الكلمات فى دماغه
كلمات تلك اللغة التى لم تستأنسْ مصريتَه، ولا هو استأنس بداوتَها، رغم مرور أكثر من نصف قرن على العلاقة الإجبارية بينهما، ومرور قرون على احتلالها ألسنة جدوده
ربما
أصابعُه على لوحةِ المفاتيحِ
وصفحةُ الوُرْد خاليةٌ أمامَه كما صَنَّعها المبرمج
الكلماتُ فى دماغِه
وأصابعُه على لوحةِ المفاتيحِ
والمسافةُ بين دماغِه وأصابعِه شاسعةٌ،
ممتلئةٌ بالمياهِ العفنةِ والزمنْ،
هكذا تتعفَّنُ كلُّ كلمةٍ تسقط من دماغه قبل أنْ تتحرَّكَ أصابعُه على لوحةِ المفاتيح

قرونٌ كبيسةٌ بين الكلماتِ فى دماغِه وأصابعِه على لوحةِ المفاتيح
الكلماتُ فى دماغه
وأصابعُه على لوحةِ المفاتيح
وصفحة الوُرْد خاوية رغم كل شىء
ربما لن يكتبَ الشاعرُ أبدًا.
27/ 10/ 2010


اكتشاف

ربما يمكنُ للشاعرِ، بحكم العصر، أنْ يكتبَ عن آخرِ اكتشافاتِه
أمسِ، يا للهولِ، اكتشفَ أنَّ له جسدًا
وأُصِيبَ بالذهولِ حين أخبرتْه صديقتُه أنَّ لجسدِه احتياجًا،
وهو ما كان ملتبسًا على دماغه الملتبس،
وحين سأل الجسد عن احتياجه، عرف بشكل ما أنها الأميرةُ المسحورةُ- صديقته.

وربما فى الوقتِ عينِه، رغم التباسِ مفهومِ الوقتِ فى دماغِه، اكتشفَتِ الأميرةُ المسحورةُ أنَّ لها جسدًا، أو ما يشبه الجسدْ،
لابد أن أحد أبويها، على الأقل، كان جنيًّا،
واكتشفتْ أن له احتياجًا
وحين سألتْه ربما روَّعتها الإجابةُ،
لم يكن الاحتياج، يا للهول، سوى العبد.

ربما هنا يكمنُ مأزقُ الأميرةِ المسحورةِ،
إذ أنها حين تعانقتْ والعبد لم يعرفِ العبدُ حدودًا لجسدِه،
كان اكتشافه حديثًا ولم يكنْ قد تعرَّف عليه بعد،
والأغرب أن الأميرةَ أيضًا لم تعرفْ حدودَ جسدِها.
اكتشفا أنَّ من الحكمةِ أنْ يكونَ لهما جسدٌ واحدٌ،
ومن هنا امتلأت صفحة الورد بجسد غريب لأميرة مسحورة وعبد.

ربما يمكنُ لعبدٍ، رغم كل شىء، أنْ يعشقَ أميرةً مسحورةً
ربما، لسببٍ ملتبسٍ، يمكنُ لأميرةٍ مسحورةٍ أنْ تعشقَ عبدًا كل زادِه كلماتٌ عطنةْ
وسنواتٌ عصيبةٌ فى خزانةِ رأسِه
...
ربما ذات يوم تمتلئ صفحة أخرى
27/ 10/ 2010


خمسة حروف


ربما يمكنُ للشَّاعرِ أنْ يكتبَ عن أشياءَ جمَّةٍ
أو يكتبَ، على الأقل، عن شىءٍ واحدٍ
لكنه حين نوى
كتبَ اسْمَ الأميرةِ المسحورةِ بحروفِه الخمسةِ وتوقَّف
ربما لأنه رأى قصيدةً مكتملةً لم يكتبْها أحدٌ
ربما لأنَّ الحروفَ الخمسةَ كافيةٌ لتفريغِ كل منابعِه
ربما لأنَّه لا يجدُ فى كلامِ العربِ ما يضافُ لاسْمِ الأميرة
ربما

كتبَ خمسةَ حروفٍ وتوقَّف
قنعَ تمامًا وتذكَّر أنَّ أربعةَ حروفٍ كافيةٌ ليكونَ ابْنُ الملوَّحِ أشهرَ مجانين العرب
وأربعةً أخرى كافيةٌ ليكونَ ابْنُ شدَّاد أسطورتَهم
وكان حرفان على الأرجح وراء نبوُّة إخناتون

لا غرابة إذن أنْ يكتبَ قصيدةً من خمسة حروف
ويتوقف ربما لأعوام.

2/ 11/ 2010


زمن



من جوفِ العتمةِ جاء صوتٌ ماكر:
"يا عبدُ فى أيةِ ساعةٍ أنتَ؟"
ردَّ العبدُ، بقدْرِ ما يَفْهمُ:
"توارى الشَّفَقُ منذ ساعاتٍ طويلةٍ
ويتبقَّى على الفجرِ، إنْ كانَ ينوِى زيارتِنا فى هذه العتمةِ، ساعاتٌ طويلةٌ على ما يظنُّ العبد.
إذن، فى أيةِ ساعةٍ أنا أيُّها الشبح؟"

13/ 12/ 2010


سأم

فى لحظةِ سأمٍ يقلِّب العبدُ مخزونَ أرقامِه على هذه الآلةِ اللعينة
فى لحظةِ سأمٍ يمحو "محمَّد صالح" و"مطر" و"م" أخرى يجدر به نسيانها
فى لحظةِ سأمٍ يمحو ظهيرةَ عمرِه
ويتبقَّى له أنْ يزحفَ على أربعٍ أو يعرجَ على ثلاثٍ، كما فى لغْزِ طيبةَ القديمة.
اختارَ، إذا جازَ للعبدِ أنْ يختار،
اختارَ أنْ يقبعَ فى بئرٍ تَقْبعُ فى منتصفِ المسافةِ بين الفجرِ والشفقْ
حيث يستحيلُ النومُ ويستحيل الأرقْ.
13/ 12/ 2010

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads