الرئيسية » » نحتٌ في الماء | فوزى باكير

نحتٌ في الماء | فوزى باكير

Written By غير معرف on الخميس، 6 يونيو 2013 | يونيو 06, 2013

نحتٌ في الماء




1.

الماءُ.. 
يجرفُ المآذنَ
البيوتَ
الأجراسَ
الأسوارَ
الحدائقَ 
والجبالْ
يجرفُ كلَّ الأشياء
عدا الهشاشةِ
في عين السَّراب...

2.

ماذا لو نظر السَّرابُ
إلى صورتِه في الماء،
شبيهه / نقيضه..
هل سيخون ملامِحَه
ويصدِّقها،
ليُقدِمَ على الانتحارِ
غارقًا في الرَّمل..؟
3.

.. والماءُ رائحةٌ
لا تدركها 
سوى بصيرةِ العِطَاشْ.

4.

قد تكفرُ الأرضُ
بما أُنزِلَ عليها
من ماءْ،
فحكمتُهُ
غامضةٌ أحيانًا
وما من نبيٍّ هنا
ليفسِّرَها
إلِّا بالظَّمأِ
أو الغرق...

5.

في القصيدةِ
أُحدِّقُ دائمًا في الماء
إذ يتكسَّرُ في وجهي!


6.

حين تُقاومُ المرايا
تَشظِّيهَا
في حُلكَةِ وجوهِنا
وشحوبِها
تصيرُ ماءً...

7.

يا لوقاحةِ الصحراء
تحيا
وتكبرُ دومًا
دونما كللٍ
وماء..

8.

لماذا
تمنحُ السماءُ
كلَّ هذا الماء،
وهي ترى
بأمِّ غيمِها
أنَّ الأرضَ
تُلقي به
في هاويةٍ
من الحنينِ
والظَّمأ...

9.

 النَّدى
غلامُ الماءِ الذي
شهَقَتهُ مساماتُكِ
ذات ارتعاشٍ
ثمَّ شاخَ في نهرِكْ...

10.

لم أعرفْ
أنَّها من طينٍ
مثلي
إلّا عندما اغتَسَلَتْ، ذاتَ شهقةٍ، بمائِها
فبزغَت زهرةٌ هناكْ
في أقاصي نهدِها...

11.

النَّهرُ
جنازةٌ
تحملُ على أكتافِها
جسدًا مائيًّا
لا يكفُّ عن الانتحارْ...

12.

لم يشربْ البحرُ زُرقتَهُ
من سماءٍ تعبُرُ شاردةً فوقَه
إنّما من نهرٍ
يشدُّ الـمُطلقَ من يدهِ
ويسكبُهُ
ليُدَثِّرَ أوجاعَ الملحِ هُناكْ...

13.

لا
لم تُخلقْ من ضلعي
بل خُلِقَت من ضِلعِ النَّهرِ
وراحت تُشعلُ عبر شقوقِ الماءِ قناديلَ الرَّغبة
وجاءتْني في عزِّ الليلِ تفيضُ وتمسحُ
عن جسدي آثارَ الملحِ
برعشَتِها
حتّى ذابَتْ...

14.

يشي الارتجافُ
بصوتي
ليسألَ عن شهوةٍ
ذرفتُها
في نهرٍ
مرَّ هاربًا بجانبي
وراح يصبُّ
في سريرٍ آخر ...

15.

سمعتُ شهيقَ الماءِ
وهو يفورُ
في رغبتِها
فغرقتُ بعيدًا.. بعيدًا..
في شهوةِ صوتٍ مرئيّْ...

16.

كتبتُ اسمها
فشقَّ النَّهرُ مجراهُ في القصيدة
ومحاني...

17.

ليسَ بكاءً
هذا الذي ينزُّ من السَّماءْ
إنَّما ماءُ رغبتِها الجامحة
إذ سال من شهوتِها
عندما تحرَّشَ فيها
شاعرٌ
شاردُ النَّهر...


18.

كلَّما جفَّ نهرٌ..
يئنُّ سريري...

19.

منذ البدءِ
يستيقظُ الماءُ
ويرنو إلى المرآةِ فجرًا
فيرى الجسرَ
يرنو إليه...

20.

في البئرِ
يُعاني الماءُ من الوِحدةْ
فيـُصغي إلى خطواتِ من مرُّوا
ويخطفُ واحدًا منهم...

21.

لماذا لا تشرَقُ البئرُ بالحجرِ
فتردُّهُ لمن رماه..؟

22.


نزعمُ أنّنا نعرفُ البئرَ
وما عليها من غطاءٍ
فلماذا عندما جرّبَ أحدُهُم
أن يقيسَ عُمقَها ذاتَ ظمأٍ
قلنا: لقد انتحر...؟!

23.

أغبُطهُم
أولئِكَ الذين
يُنثَرونَ رمادًا
في أعماقِ البحر 
فلا شاهدةَ لهم
في هذا القبرِ اللامتناهي الأزرقْ
سوى موجاتٍ
نَقش الضَّوءُ
أسماءَهَم عليها
ذاتَ غروبْ...

24.

لم تُغوِكَ
رحلةُ النَّهرِ
نحو شهوةِ الهاوية
فعُدتَ ظامئًـا إلى بئرٍ
استدرجوا لكَ ماءَها
بحجارةٍ مالحة...










فوزي باكير



مواليد نابلس – فلسطين / 1985.
صدرَ له مجموعة شعريّة "حين تلفَّت النّهر"، الأهليّة للنّشر والتّوزيع / 2012.
حاصل على بكالوريوس صحافة وإعلام من جامعة البترا الأردنيّة في العام 2010.
حاصل على ماجستير في "الصّحافة والإعلام الحديث" من معهد الإعلام الأردني / 2012.
عضو مؤسّس ومشارك في مهرجان "أيّام مجاز للشّعر العربيّ / الأردن".
عَمِلَ صحافيًّا في جريدة "الغد" الأردنيّة.







التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads