الرئيسية » » النزيف غَضَبٌ على التاريخِ والفوضى

النزيف غَضَبٌ على التاريخِ والفوضى

Written By غير معرف on الجمعة، 22 مارس 2013 | مارس 22, 2013


النزيف
غَضَبٌ على التاريخِ والفوضى
 


أشرف البولاقي



هي الفوضى ..
تؤجِّلُ ثورتي الكُبرَى على التاريخِ
فارتقبوا
إذا خرجَ الرواةُ مُسلَّحين عليكمُ
وخرجتُ منزعجاً ؛
أفكِّرُ كيف ألحقُ بالقطارِ ؟
وما الذي سيكونُ طَيَّ حقيبتي ؟
سافرتُ قَبْلاً بالهزائمِ ....؛ فاحترقتُ
فهل ستحتَمِلُ الحقيبةُ أن أسافرَ بالجراحِ ؟
كثيرةٌ هذي الجراحُ
وواحدٌ هذا الجريح
مَنَازلي،
جَزعي على هندٍ ،
وشوقُ حبيبتي ،
طَللٌ قديمٌ،
واحتضارُ بلاغةٍ،
وأسًى بقلبيَ ؛
كان يحلُمُ ..
         أن يُريحَ ويستريح .
لعلَّني- أيضا - سأقرأُ كيف
قادَ أبي مظاهرةً قديمًا:

"  كان حُجْرٌ والمُغيرةُ رائعَيْنِ
  وحيثُما كانت سيوفُ بني أُميةَ
  كان قلبُ المتعَبينَ مع الحُسيْنِ
  يُحرِّضُ المختارُ شعبًا
  والزُّبيْرِيونَ مشغولونَ في مصرٍ
  يؤرِّقُهم سؤالٌ في المُخلِّصِ
  كيف يُصْلَبُ مرتيْنِ؟  "
 تؤجِّلُ الفوضَى خروجي ،
والقطارُ يجيءُ بعد نزيفِنا
وأنا امرؤٌ منذُ السقيفةِ
 كنتُ أحلُمُ بالقطارِ
وكنتُ أنزفُ ما تَبَقَّى مِن دمي..!

 بَيْنَا أُرَتِّبُ في الصباحِ حقيبتي
 قالت سترحلُ ؟
 قلتُ أنتِ جميلةٌ
- هاتي قميصًا غيرَ هذا،
   واغسِلي فُرْشَاةَ أحزاني،
    سأرحلُ :
   كلُّ أُمسيةٍ هُنا شَرَكٌ
   وكلُّ قصيدةٍ حَتْفٌ
 أخيراً .... سوفَ أرحلُ
   بَيْدَ أنَّ على فِراشي شهقةً ،
   في سقفِ حُجرةِ نومِنا حبلٌ،
   ورُوحٌ قد تَدَلَّتْ
   في هدوءٍ كلُّ شيءٍ سوف يمضي
   سوف تحتفلُ العجائزُ بالغناءِ العبقريِّ
   وبينما يُنْشِدْنَ
   سوف تجيئُكِ امرأةٌ
   تقولُ لكِ البقاءُ لجُرْحِه
   لا تنظري في عينِها
   وتذكَّري في الأربعينَ بأنني
  يوماً طبعتُ على جبينِكِ قُبْلةً
   وبأنني يوماً سألتُكِ عن بلادي.

لماذا يهتفُ الثوَّارُ باسمي
بينما دميَ الذي أُهْرِيقَ
يَقطُرُ مِن خناجرِهم جميعاً ؟
يقولُ مواطنٌ : " تحيا بلادي "
عندَها يتردَّدُ القنَّاصُ بين رصاصتينِ !
( أنا أفكِّرُ هل يعودُ لطفلِه برغيفِ خبزٍ ؟ )
هل أنا أَمْ واحدٌ غيري سيصبحُ جثةً ؟
وحدي بلا ميدانَ
أخرُجُ  في مظاهرةٍ أمام البيتِ
مُحْتَجًّا على هندٍ ؛ تُحَرِّضُ أُمَّها ضدي
وتُعرِبُ كلَّ مُبتدأٍ - تأخَّرَ - فاعلاً ..!
أو حين تُنْشِدُني :
" تماماً مثلَ أحزاني تماماَ "
ثم تنسى أُمَّ محمودٍ تماماً
( ويحَ قلبي ...! )
بينما غيري هناكَ
يسيرُ خلفَ مظاهراتِ الغاضبينَ
يُحَدِّثُ الحمقى
عن الدستورِ يبدأُ بالمواطنةِ الجميلةِ
كان يَعرفُ أنني سأكونُ في بيتي
إذا انطلقَ الرصاصُ
أقولُ يا هندُ... " الكتابَ "
وكنتُ أعرفُ أنه
سيكونُ في الميدانِ مُضطرِبًا
إذا ما أَنْشَدَ المتظاهرون قصيدتي..!
بطلٌ .... وثورتُهُ ستنجحُ
 حين يُعلِنُ : أنَّ سَيِّدَهُ تَنَحَّى
أو إذا التُقِطَتْ له صورُ البطولةِ
قُرْبَ دباباتٍ انطلقتْ
لتؤْنِسَ وِحْدِةَ الموتى
سيزعمُ :
أن ضُبَّاطًا قد احتضنوه واعتذروا،
وجُنديًا توسَّلَ أن يُسامِحَهُ،
وأنَّ رجالَ أمنِ الدولةِ ابتسَمُوا
أخيرًا يَبْزُغُ التاريخُ مِن أُنشودةِ الفوضَى
أنا غَضَبٌ على التاريخِ والفوضَى
سَيَذْكُرُ أنني - التاريخُ - نِمْتُ مُبَكِّرًا جدًا
ولم أحلُمْ كما حَلُمَ الرفاقُ
بياسمينَ وبرتقالٍ
- هكذا سيقولُ -
رُبَّتَمَا يؤكدُ :
أنني في جُمعةِ الغضبِ
ارتكبتُ جريمةً
لمَّا صحوتُ أخذتُ دُشًّا ساخنًا
-هل كنتُ مُنْتَشيًا ؟-
وماذا لو فعلتُ ؟
أخذتُ دُشًّا ساخنًا ،
والماءُ يقطُرُ فوقَ رأسي
كانت الأفكارُ عاريةً أمامي تستحمُّ،
وشهوةٌ خَجلَى تَئِنُّ ، وتشتكي
عارِ وعاريةٌ،
وقُبْلِةُ عاشقيْنِ توحَّدا
بين البُخارِ رأيتُ طيفَ حبيبتي ؛
فخرجتُ مُغتسِلاً أجفِّفُ شهوتي
هل ثَمَّ إيقاعٌ بغيرِ ضرورةٍ ؟
ومتى ستعترفُ الحقيقةُ بالمجازِ وتحتفي ؟
أنا لستُ أوَّلَ مَن توضَّأَ حزنُهُ
بعبيرِ سوسنةٍ وجُرْحِ فَرَاشةٍ
لكنني وحدي إذا شَجَرُ الكلامِ أظَلَّني
أمضِي أقُصُّ على ابنتيَّ هزائمي،
وحكايةَ الإيقاعِ
يَحملُ بالضرورةِ ثورةً
قال الرواةُ - مُسَلَّحينَ - متى ستُنْشِدُ ؟
كنتُ أنتظرُ القطارَ على المحطةِ
والخليلُ على رصيفٍ آخرٍ
قُدَّامَ عيني يحتفي بمُسافِرٍ ومودِّعينَ
إلى اللقاءِ... مع السلامةِ
دمعةٌ سقطتْ.. ليدْهَسَها القطارُ
فَرَرْتُ مِن وجعي لأولِ مقعَدٍ
قال المُحَصِّلُ أينَ تذهبُ ؟
قلتُ عندَ حبيبتي ؛
ضحكتْ مُسافرةٌ ،
ورُوِّعَ آخرٌ
قال المُحَصِّلُ في أسًى :
عفوًا ...
فإنكِ عاشقٌ ،
وقطارُنا الثوريُّ هذا
لا يَُقِلُّ العاشقين .....!
       


أشرف البولاقي

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads